مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
* وحديث المغيرة أنه (ص) مسح بناصيته وعلى العمامة كما رواه الترمذي والنسائي وهو في صحيح مسلم، لا حجة فيه بل هو حجة عليهم لأنه لو أجزأه المسح على الناصية لما مسح على العمامة، فدل على أنه إنما فعل ذلك للضرورة، ووجه قول ابن مسلمة إن المسح مبني على التخفيف فأكثره يجزئ عن أقله ووجه قول أبي الفرج إن الثلث في حيز الكثير، ووجه قول أشهب، الاخذ بظاهر حديث المغيرة.
الثاني: قال ابن عبد السلام في قول أشهب الثاني: انظر هل يذهب به مذهب الشافعية في ثلاث شعرات في قول، أو بعض شعرة في قول؟ لكن قوله وإن لم يعم رأسه ظاهر هذا المذهب أنه لا بد من جزء معتبره وجزم بذلك في التوضيح فقال: ولا يؤخذ من قول أشهب إن لم يعم رأسه أجزأه قول في المذهب بإجزاء ثلاث شعرات كمذهب الشافعية لان الذي يفهم من قوله، إن لم يعم رأسه عرفا أخذ جزء جيد منه.
قلت: وظاهر قول ابن رشد المتقدم في رسم الصلاة من سماع أشهب، ذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من أهل العلم إلى إجازة مسح بعض الرأس، وإلى هذا ذهب أشهب في هذه الرواية، وبذلك فسره ابن راشد في شرح ابن الحاجب فقال: على ما نقل عنه صاحب الجمع، وذهب أشهب في قوله الآخر إلى مذهب الشافعي. وقال ابن فرحون تبعا لابن هارون:
وينبغي أن يرد قوله المطلق إلى قوله المقيد. زاد ابن فرحون ولفظه قوي في الدلالة على أن يحمل على قول ابن مسلمة لقوله إن لم يعم فلا أقل من أنه يحمل على قوله المقيد بالناصية، ويمكن أن يقال في كلام ابن رشد: إنما شرك بينهم في الاكتفاء بالبعض وإن اختلفوا في قدره بدليل أنه جمع بين الشافعي وأبي حنيفة وهما مختلفان في القدر المجزئ.
الثالث: قال ابن ناجي قال ابن عطية: وكل هذا الخلاف إنما هو إذا وقع المسح من مقدم الرأس، وأما لو وقع على خلاف ذلك فلا يكفي بعضه اتفاقا. وضعفه شيخنا الشبيبي بالاتفاق على أن البداءة بمقدم الرأس ليست بفرض، فلا فرق بين البداءة بالمقدم أو بغيره، قال ابن ناجي، ويرد بأن كلام ابن عطية يقتضي أنه وقف على النص بذلك فتكون البداءة بمقدم الرأس التي ليست بفرض اتفاقا إنما هي حيث التعميم، أما حيث الاقتصار على البعض فلا انتهى.
قلت، وما قاله ابن عطية غريب، وما قاله الشبيبي ظاهر والله تعالى أعلم.
الرابع: قال ابن عبد السلام: وانظر إذا اقتصر على مسح بعضه على قول من يراه كافيا، فهل يشترط أن يكون الممسوح مما يحاذي الرأس إذا كان الشعر طويلا، فإن كان فهو حجة لمن يذهب إلى سقوط مسح ما استدلى من الشعر على الرأس. قال ابن ناجي، ظاهر كلامهم أنه لا يشترط لان المشهور من المذهب مسح ما طال من الشعر.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست