مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٨٨
قلت: وفي هذين الوجهين الأخيرين بعد، لأنه إذا جعل معطوفا على بقية فلا دلالة على قول ابن القاسم لأنه يصير المعنى: ويجب غسل بقية معصم وغسل نقض غيره ولا معنى لهذا الكلام، وإذا جعل معطوفا على إجالة يصير المعنى: لا تجب إجالة الخاتم ولا نقض غيره أي نقض غير الخاتم من الحائلات المانعة من وصول الماء، وذلك يقتضي أنه لا يجب إزالته ابتداء وظاهره، سواء كان الحائل كثيرا أو يسيرا، وقول ابن دينار إنما هو في اليسير بعد الوقوع كما سيأتي بيانه. والضمير المضاف إليه غير في هذين الوجهين عائد إلى الخاتم وغير في هذه الأوجه الستة مجرورة بالإضافة. وإن جعلنا اللفظ المذكور فعلا ففيه وجهان أيضا، لأنه إما مبني للفاعل أو مبني للمفعول. فعلى الأول: يكون الفاعل ضميرا يعود إلى المتوضئ وغير منصوبة على المفعولية، وعلى الثاني فغير مرفوعة على النيابة عن الفاعل والضمير المضاف إليه غير في هذين الوجهين عائد إلى الخاتم أيضا كالوجهين قبله، وهذان الوجهان الأخيران ذكرهما ابن غازي وقال: هذا أمثل ما يضبط به وأبعده من التكلف. والضمير في غيره للخاتم وهو من صيغ العموم إذ هو اسم جنس أضيف أي ونزع غير الخاتم من كل حائل في يد أو غيرها ويندرج فيه ما يجعله الرماة وغيرهم في أصابعهم من عظم ونحوه، وما يزين به النساء وجوههن وأصابعهن من النقط الذي له جسد، وما يكثرن به شعورهن من الخيوط، وما يكون في شعر المرأة من حناء أو حنتيت أو غيرهما مما له تجسد، أو ما يلصق بالظفر أو بالذراع أو غيرهما من عجين أو زفت أو شمع أو نحوها. وكونه لم يذكر من هذه الأشياء معينة في هذا المختصر دليل على صحة هذا الضبط وإرادة هذا العموم أو بعضه، ولا سيما الحناء فإنه سكت عن تعيينه مع كونه في المدونة ومختصر ابن الحاجب ومشاهير الكتب. وما كان هكذا لا يسكت عنه غالبا إلا إذا أدرجه في عموم.
فإن قلت: لما تحدث ابن رشد على الخاتم في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم، ذكر فيمن توضأ وقد لصق بظفره أو بذراعه الشئ اليسير من العجين أو القير أو الزفت قولين، وقال: الأظهر منهما تخفيف ذلك على ما قاله أبو زيد بن أبي أمية في بعض روايات العتبية، ومحمد بن دينار في المدونة خلاف قول ابن القاسم في المدونة وقول أشهب في بعض روايات العتبية.
قلت: لا خفاء أن هذا في اليسير بعد الوقوع، وأما ابتداء فلا بد من إزالته. وكون ابن رشد ذكر هذا الفرع عند الكلام على الخاتم مما يؤيد ما حملنا عليه لفظ المؤلف انتهى.
قلت: لاخفاء أن ما ذكره هو أحسن ما يحمل عليه كلام المصنف، وفي كلام البساطي إشارة إلى ذلك. وأما كون كلام المصنف مخالفا لما استظهره ابن رشد فلا حاجة إلى الاعتذار عنه، لأنه قد صرح ابن رشد بأن ما استظهره خلاف قول ابن القاسم في المدونة، وقد صرح صاحب الطراز بأن قول ابن القاسم هو الصحيح المشهور. وقال أيضا: إنه المذهب وقد صرح
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست