مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
كثيفة في اللحية وغيرها حتى الهدب، وقيل وكثيفه. قال في التوضيح: الخفيف ما تظهر البشرة من تحته، والكثيف ما لا تظهر، قاله في التلقين. وقوله، يجب تخليل خفيف الشعر أي بأن يوصل الماء إلى البشرة، وقوله دون كثيفة أي فلا يجب انتهى. فعلم أن المراد من التخليل إيصال الماء إلى البشرة ولهذا قال سند: المذهب استواء كثيف اللحية وخفيفتها في عدم وجوب التخليل. وقول القاضي عبد الوهاب في الخفيف يجب إيصال الماء إلى ما تحته لا يناقص ذلك لأنه إذا مر بيديه على عارضيه وحركهما وصل الماء إلى كل محل مكشوف من الشعر، فإن لم يصل الماء لقلته فلا يجزئه ثم قال: وإذا قلنا لا يجب تخليل اللحية فلا بد من إمرار الماء عليها من اليد ويحرك يده عليها انتهى.
قلت: وهذا ليس خلافا في المعنى، وقد تقدم أن المراد من التخليل إيصال الماء إلى البشرة. قال ابن عبد السلام، وذكر الهدب لما رآه للشافعية فيه وفي الحاجبين من سقوط التخليل لان الغالب في شعرهما الخفة، وما ذكروه في الهدب متجه أي أن الغالب فيه الخفة.
وسيأتي الكلام على ما لصق من القذي في قوله ونفض غيره وما ذكره المصنف من سقوط تخليل الشعر الكثيف هو المشهور، ودليله أنه (ص) توضأ مرة مرة وكانت لحيته كثيفة ولا يصل إلى بشرتها بمرة واحدة، وأيضا فإن الوجه اسم لما تقع به المواجهة وقد خرج ما تحت الشعر عن المواجهة وانتقلت المواجهة إلى ما ظهر من الشعر. قال في التوضيح: وقد اختلف في تخليل اللحية الكثيفة على ثلاثة أقوال: أحدها لمالك في العتبية نفي التخليل وعاب تخليلها فيحتمل ذلك الإباحة والكراهة اه‍.
قلت: جزم ابن عرفة بالثاني فإنه عز الكراهة لسماع ابن القاسم والمدونة ونحوه لابن رشد. قال في سماع ابن القاسم في رسم نذر سنة: في تخليلها في الوضوء أقوال ثلاثة: أحدها قوله في هذه الرواية وعن المدونة أنها لا تخلل وهو قول ربيعة أن تخليلها مكروه، وكذا قال ابن ناجي: إن ظاهر المدونة الكراهة. ونقله أيضا عن الشيخ أبي الحسن الصغير وهو الذي يفهم من قوله عاب ذلك وهو قوله في المجموعة. قال في النوادر عنها: وعاب مالك تخليلها في الوضوء. قال عنه ابن نافع في المجموعة: ولم يأت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعله في وضوئه وجاء أنه خلل أصول شعره في الجنابة. قال في المختصر: ويحركها في الوضوء بأن كانت كبيرة ولا يخللها قاله في التوضيح. والقول الثاني الوجوب قاله محمد بن عبد الحكم. قال في البيان: وهو قول مالك في رواية ابن وهب وابن نافع وهو القول الذي حكاه المصنف يعنى ابن الحاجب بقوله " وقيل وكثيفه ". وقال ابن عبد السلام: وهو الأظهر عندي بلا قياس على المشهور في الغسل. والقول الثالث الاستحباب لابن حبيب قال ابن رشد في الرسم المذكور: وهو أظهر الأقوال، فقد روى أن عمار بن ياسر خلل لحيته فقيل له: أتخلل لحيتك؟ فقال: وما يمنعني لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخلل لحيته.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست