مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢١٤
ابن عبد السلام رحمه الله تعالى في شرح قول ابن الحاجب في إزالة النجاسة: وغير المعفو إن بقي طعمه لم يضر يعني أن المعفو لا يلزم إزالته، فإن أزيل وبقي طعمه أو غيره عفي عنه إذ العفو عن الكل يستلزم العفو عن الجزء، انتهى. وقال في العارضة فيمن دمي فمه ثم مج ريقه حتى ذهب: فهل يطهره ذلك أو لا بد من غسله بالماء؟ لعلمائنا قولان، والصحيح طهارته بالماء إن كان كثيرا، وإن كان يسيرا عفي عنه ولا يطهر الريق شيئا. وقال ابن الحاجب: ولا يكفي مج الريق فينقطع الدم على الأصح ولا يمصه بفيه ويمجه واليسير عفو. قال ابن عبد السلام:
يعني لا يأخذ من الثوب بفيه، وقوله: واليسير أشار به لقول ابن العربي المتقدم انتهى. وقال ابن فرحون: يعني لو مص اليسير فيه حتى زال اكتفى بذلك لأنه لو تركه لكان معفوا عنه.
وذكر البرزلي في مصل أخذ نخامة بكمه ثم وجد فيها دما لا إعادة عليه ليسارته ولو وجدها في الصلاة انتهى. وقال ابن الحاجب في آخر فصل المعفوات: ولو عرق من المستجمر موضع الاستجمار فقولان. قال ابن فرحون: يعني عرق فانتشر حتى أصاب الثوب والجسد، ثم قال ابن الحاجب في فصل آداب الحديث: وعرق المحل يصيب الثوب معفو على الأصح. وفي سماع أشهب من العتبية فيمن تجفف بعد غسله بثوب فيه دم: إن كان يسيرا لا يخرج بالتجفيف منه شئ فلا شئ عليه ولا في جسده، فكل هذه النقول تدل على أن ما عفي عنه من دم وغيره لا يضره اتصاله بمائع والله تعالى أعلم. وقد تقدم أن الأظهر في اليسير المعفو عنه أنه يصير كالمائع الطاهر والله تعالى أعلم. ص: (وبول فرس لغاز بأرض حرب) ش: ذكر رحمه الله تعالى للمعفو في هذه المسألة ثلاثة قيود: كونه من فرس، وكونه لغاز، وكونه بأرض حرب، وبقي عليه قيد رابع وهو أن لا يجد من يمسكه له، ومفهوم كلامه أنه إذا انتفى قيد من القيود المذكورة لا يعفى عنه. والمسألة في رسم صلى نهارا من سماع ابن القاسم قال:
وسئل عن الفرس في مثل الغزو والاسفار يكون صاحبه يمسكه فيبول فيصيبه فقال: أما في أرض العدو فإني أرجو أن يكون خفيفا إذا لم يكن له من يمسكه، وأما في أرض الاسلام فليتقه ما استطاع ودين الله يسر. ابن رشد: هذا كما قال لأنه لا يستطيع المسافر التوقي منه لا سيما الغازي في أرض العدو فهو موضع تخفيف للضرورة كما خفف مسح الخف من الروث الرطب، وجوز للمرضع الصلاة بثوبها إذا لم يكن لها غيره مع درئها البول جهدها. وقال سند
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست