مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٩٥
هذا القول، وهو ظاهر ما ذكره في كتاب الصلاة. وعلى قول التونسي بصحة صلاته معناه إذا كان يتحفظ على ثوبه وفمه من الخمر والنجاسات، قاله غير واحد والله تعالى أعلم بالصواب.
وقوله: ومكانه معطوف عل قوله: ثوب ويعني أن النجاسة تطلب إزالتها عن مكان المصلي أيضا كطلب إزالتها عن ثوبه وبدنه، والمعتبر من المكان محل قيامه وسجوده وقعوده وموضع كفيه، قاله غير واحد. قال في الجواهر: وليكن كل ما يماس بدن المصلي عند القيام والجلوس والسجود طاهرا. وقاله في الذخيرة وزاد: وأما ما لابسه فلا يضره انتهى. ولا يضره ما كان أمامه أو على يمينه أو شماله قال في المدونة في كتاب الصلاة الأول: ومن صلى وبين يديه جدار مرحاض أو قبر فلا بأس به إذا كان موضعه طاهرا. قال ابن ناجي: ظاهره وإن ظهر على الجدار نجاسة وهو كذلك، لان المعتبر محل قيام المصلي وقعوده وسجوده وموضع كفيه لا أمامه أو يمينه أو شماله. انتهى. وقال سند: إن كان ظاهر الجدار نجسا فالمذهب أن الصلاة صحيحة.
وقال ابن حبيب: من تعمد الصلاة إلى النجاسة وهي أمامه أعاد الصلاة إلا أن تكون بعيدة جدا أو يواريها عنه شئ فإن كان دونها ما لا يواريها فذلك كلا شئ. قال: وإن كان ظاهر الجدار طاهرا فلا خلاف أن الصلاة صحيحة إلا أنه يكره ابتداء كما يكره أن يكون ذلك في حائط قبلة المسجد، ولا ينبغي أن يواجه المصلي شئ متنجس. انتهى. وفي رسم الجواب من سماع عيسى من كتاب الصلاة النهي عن الصلاة إلى جدار المرحاض والمجنون والصغير والمرأة والكافر والمأبون في دبره، فإن فات ذلك وصلى حذاهم أو هم أمامه لم يعد الصلاة عامدا أو ناسيا أو جاهلا، لا في وقت ولا في غيره. ابن رشد: لان الشرع قد قرر تعظيم شأن القبلة فمن الاختيار للمصلي أن ينزه قبلته في الصلاة عن كل مكروه انتهى.
فرع: قال ابن عرفة عياض: وسقوط طرف ثوب المصلي على جاف نجاسة بغير محله لغو.
وقال ابن ناجي رحمه الله تعالى في شرح المدونة في كتاب الطهارة: إنه ظاهر المدونة ولم يحك عياض غيره قال: ومثله لابن بشير في كتاب التهذيب فإنه قال: أشار في الكتاب إلى أن النجاسة متى كانت في موضع لا يلاقيه شئ من جسد المصلي فلا يعيد. وقال البرزلي: أحفظ في الاكمال أن ثياب المصلي إذا كانت تماس النجاسة ولا يجلس عليها فلا تضره. وفرع البرزلي على ذلك أن من صلى إلى جنب من يتحقق نجاسة ثيابه فإن كان يعتمد عليها بحيث يجلس عليها أو يسجد ببعض أعضائه فلا يجوز. وأما إن لاصقه فلا يضره، وأما إن استند إليه ففي المدونة: لا يستند المصلي لحائض ولا لجنب. فقيل: لان المستند شريك المستند إليه، وقيل: لنجاسة ثيابه ويعيد إن فعل في الوقت. وذكر ابن ناجي رحمه الله تعالى في شرح المدونة إثر كلامه السابق عن شيخه البرزلي أنه كان يخالف عياضا فيما قاله، ويرى أنه بمنزلة من صلى على نجاسة. قال: وما ذكره ذهب إليه بعض فضلاء أصحابنا وبنى عليه أن من صلى على فراش يحاذي صدره منه ثقب ب أسفله نجاسة لم تمسه أنه يعيد صلاته قال: وهو بعيد جدا لان المعتبر إنما هو ما يباشره. انتهى.
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست