مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
في ذلك فيجوز، فقد تؤدي المضايقة إلى المفارقة. ثم شرع في الواجب الثاني، وهو الادم، فقال: (ويجب) للزوجة على زوجها الادم، وجنسه (أدم غالب البلد كزيت) وشيرج (وسمن وجبن وتمر) وخل، لقوله تعالى:
* (وعاشروهن بالمعروف) *، وليس من المعاشرة بالمعروف تكليفها الصبر على الخبز وحده، إذ الطعام غالبا لا يساغ إلا بالادم. وقال ابن عباس في قوله تعالى: * (من أوسط ما تطعمون أهليكم) *: الخبز والزيت، وقال ابن عمر: الخبز والسمن.
(ويختلف) قدر الادم (بالفصول) الأربعة، فيجب لها في كل فصل ما يعتاده الناس من الادم، قالا: وقد تغلب الفاكهة في أوقاتها فتجب، وقال القاضي حسين: يجب الرطب في وقته واليابس في وقته. قال الأذرعي: ويجب أيضا أن يختلف الادم باختلاف القوت الواجب، فمن قوتها التمر لا يفرض لها التمر أدما، ولا ما لا يؤكل مع التمر عادة كالخل، ومن قوتها الاقط لا يفرض لها الجبن ولا اللبن أدما، وقس على هذا. وقال أيضا: إنما يتضح وجوب الادم حيث يكون القوت الواجب ما لا ينساغ عادة إلا بالادم كالخبز بأنواعه، أما لو كان لحما أو لبنا أو أقطا فيتجه الاكتفاء به إذا جرت عادتهم بالاقتيات به وحده اه‍. وهذا لا ينافي ما مر عنه من قوله: فمن قوتها التمر الخ، لأن ذلك إذا لم تجر العادة بالاكتفاء به وحده. (ويقدره) عند تنازع الزوجين فيه (قاض باجتهاده) إذ لا توقيف فيه من جهة الشرع، (ويفاوت) في قدره (بين موسر وغيره) فينظر في جنس الادم وما يحتاج إليه المد فيفرضه على المعسر ويضاعفه للموسر ويوسطه بينهما للمتوسط، وما ذكره الشافعي رضي الله عنه من مكيلة زيت أو سمن: أي أوقية، فتقريب كما قاله الأصحاب. ولو سئمت من أدم لم يلزمه إبداله، وتبدله هي إن شاءت لأنه ملكها. قال الأذرعي: ولو كانت سفيهة أو مميزة وليس لها من يقوم بذلك فاللائق بالمعاشرة بالمعروف أن يلزم الزوج إبداله عند إمكانه. (و) يجب لها عليه (لحم يليق بيساره) وتوسطه (وإعساره كعادة البلد) فإن أكلوا اللحم في كل يوم مرة فلها كذلك. ولا يتقدر بوزن كرطل، بل يعتبر فيه تقدير القاضي كما صرح به في البسيط. ولو أن المصنف أخر عن الادم واللحم قوله: ويقدره الخ لرجع التقدير إليهما، وما ذكره الشافعي رضي الله عنه من رطل لحم في الأسبوع الذي حمل على المعسر، وجعل باعتبار ذلك على الموسر رطلان، وعلى المتوسط رطل ونصف، وأن يكون ذلك يوم الجمعة لأنه أولى بالتوسيع فيه، محمول عند الأكثرين على ما كان في أيامه بمصر من قلة اللحم فيها، ويزاد بعدها بحسب عادة البلد. قال الشيخان: ويشبه أن يقال لا يجب الادم في يوم اللحم، ولم يتعرضوا له، ويحتمل، أي وهو الظاهر، أن يقال: إذا أوجبنا على الموسر اللحم كل يوم يلزمه الادم أيضا ليكون أحدهما غذاء والآخر عشاء على العادة، وينبغي على هذا كما قال بعضهم أن يكون الادم يوم إعطاء اللحم على النصف من عادته، وتجب مؤنة اللحم وما يطبخ به. (ولو كانت) عادتها (تأكل الخبز وحده وجب) لها (الادم) ولا نظر لعادتها لأنه حقها كما لو كانت تأكل بعض الطعام فإنها تستحق جميعه. ثم شرع في الواجب الثالث، وهو الكسوة، فقال: (و) يجب لها (كسوة) بكسر الكاف وضمها، لقوله تعالى: * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) * ولما روى الترمذي أن رسول الله (ص) قال في حديث: وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن قال: حديث حسن صحيح. (ولا بد أن تكون الكسوة تكفيها) للاجماع على أنه لا يكفي ما ينطلق عليه الاسم. وتختلف كفايتها بطولها وقصرها وسمنها وهزالها، وباختلاف البلاد في الحر والبرد، ولا يختلف عدد الكسوة باختلاف يسار الزوج وإعساره ولكنهما يؤثران في الجودة والرداءة. ولا فرق بين البدوية والحضرية على المذهب، وفي الحاوي: لو نكح حضري بدوية وأقاما في بادية أو حاضرة وجب عرفها، ويقاس عليه عكسه. فإن قيل: لم اعتبرتم الكفاية في الكسوة ولم تعتبروها في الطعام؟ أجيب بأن الكفاية في الكسوة متحققة بالمشاهدة، وكفاية الطعام ليست كذلك فلم يعتبروها للجهل بها. (فيجب) لها عليه في كل ستة أشهر (قميص) وهو ثوب مخيط يستر جميع البدن، وفي ذلك إشعار
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460