مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٨
والأصح كما في الشرح والروضة منع الاعتياض عن النفقة المستقبلة لأنها معرضة للسقوط بالنشوز وغيره بخلاف الحالية والماضية. ومحل الخلاف في الاعتياض من الزوج. أما من غيره فلا يجوز قطعا كما قاله في الروضة، أي في النفقة الحالية فإنها معرضة للسقوط بنحو نشوز. أما الماضية فيصح فيها بناء على صحة بيع الدين لغير من هو عليه.
ويجري الخلاف في الاعتياض عن الكسوة إن قلنا تمليك، وهو الأصح، وفي الاعتياض عن الصداق كما في الشرح والروضة في باب المبيع قبل قبضه وفي باب الصداق. وحيث جوزنا الاعتياض يشترط أن لا يفترقا إلا عن قبض لئلا يصير دينا بدين، وأن لا يكون فيه ربا كما ذكره بقوله: (إلا خبزا أو دقيقا) ونحوهما من الجنس، فلا يجوز (على المذهب) لما فيه من الربا. والثاني:
الجواز، وقطع به البغوي، لأنها تستحق الحب والاصلاح، فإذا أخذت ما ذكر فقد أخذت حقها لا عوضه، ورجحه الأذرعي وقال: الأكثرون على خلاف الأول رفقا ومسامحة، ثم قال: ولا شك أنا متى جعلناه اعتياضا فالقياس البطلان. والمختار جعله استيفاء، وعليه العمل قديما وحديثا. أما لو أخذت غير الجنس كخبز الشعير عن القمح فإنه يجوز كما لو أخذت النقد.
تنبيه: يدخل في الطعام ماء الشرب، قال تعالى: * (ومن لم يطعمه فإنه مني) * فيجب لها. قال الزركشي: ولا شك في وجوبه، وبه صرح الدارمي، وقد يؤخذ من قول المصنف فيما بعد: ويجب لها آلة أكل وشرب، فإذا وجب الظرف وجب والمظروف. وأما تقديره فالظاهر فيه الكفاية ويكون إمتاعا لا تمليكا، حتى لو مضت عليه مدة سقط اه‍.
وفي قوله: إمتاعا نظر، والظاهر أنه تمليك، لأنهم قالوا: كل ما تستحقه الزوجة تمليك إلا المسكن والخادم. (ولو أكلت معه) أي الزوج (على العادة) أي من غير تمليك ولا اعتياض، (سقطت نفقتها في الأصح) قال في زيادة الروضة:
لجريان العادة به في زمن النبي (ص) وبعده من غير نزاع ولا إنكار ولا خلاف، ولم ينقل ان امرأة طالبت بنفقة بعده. ولو كان لا يسقط مع علم النبي (ص) بإطباقهم عليه لاعلمهم بذلك، ولقضاه من تركه من مات ولم يوفه، وهذا لا شك فيه. والثاني: لا تسقط لأنه لم يؤد الواجب وتطوع بغيره.
تنبيه: التصوير بالاكل معه على العادة، قال الأسنوي: يشعر بأنها إذا أتلفت أو أعطته غيرها لم تسقط، وبأنها إذا أكلت معه دون الكفاية لم تسقط، وبه صرح في النهاية، وعليه فهل لها المطالبة بالكل أو بالتفاوت فقط؟ فيه نظر.
قال الزركشي: والأقرب الثاني. وقال ابن العماد: ينبغي القطع به، فإن كان الذي أكلته غير معلوم وتنازعا في قدره صدقت فيه بيمينها، لأن الأصل عدم قبضها الزائد. وقول المصنف: معه ليس بقيد، بل لو أرسل إليها الطعام أو أحضره وأكلته كان الحكم كذلك. ولو أضافها رجل فأكلت عنده لم تسقط نفقتها، قال الدميري: إلا أن يكون المقصود إكرام الزوج فتسقط. (قلت: إلا أن تكون) الزوجة (غير رشيدة) كصغيرة أو سفيهة بالغة (ولم يأذن) في أكلها معه (وليها) فلا تسقط نفقتها جزما بأكلها معه كما قاله في الروضة، (والله أعلم) ويكون الزوج متطوعا. وأفتى البلقيني بسقوطها بذلك، قال: وما قيده النووي غير معتمد، وقد ذكر الأئمة في الأمة ما يقتضي ذلك، وعلى ذلك جرى الناس في الأعصار والأمصار. وعلى الأول قال الأذرعي: والظاهر أن ما مر في الحرة، أما الأمة إذا أوجبنا نفقتها فيشبه أن يكون المعتبر رضا السيد المطلق التصرف بذلك دون رضاها كالحرة المحجورة.
تنبيه: يرد على المصنف ما إذا طرأ سفه الزوجة بعد رشدها ولم يعد الحجر عليها، فإنه لا يفتقر السقوط بالاكل مع الزوج إلى إذن الولي على المذهب لنفوذ تصرفها ما لم يتصل بها حجر الحاكم. فإن قيل: أكل الصغير قبض، وهو غير معتد به وإن أذن الولي. أجيب بأن الزوج كالوكيل في شراء الطعام وإنفاقه عليها، ويشهد له ما لو خالعها على إرضاع ولده منها وعلى طعام في ذمتها وأذن لها في إنفاقه على الصغيرة فإنها تبرأ على المذهب، هذا كما قال الأذرعي إذا كان الحظ للغير فيه، أما لو كان الحظ في أخذ المقدر فلا، ويكون وجود إذنه كعدمه لبخس حقها إلا إن رأى الولي المصلحة
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460