مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٤
لا يكاد ينضبط كما مر في إن لم تميزي نواي من نواك، فإن معناه الوضعي التفريق، ومعناه العرفي التعيين. هذا إن اضطرب العرف فإن اطرد عمل به لقوة دلالته حينئذ، وعلى الناظر التأمل والاجتهاد فيما يستفتى فيه، نقله الرافعي عن الغزالي وأقره. ولا يختص بقول الغزالي بل يأتي على قول غيره. ومنه ما يأتي في الخسيس على قول المصنف:
ويشبه الخ. ثم شرع في بيان أوصاف تجري في مخاصمة الزوجين ويعلق عليها الطلاق، فقال: (ولو خاطبته) زوجته (بمكروه) من القول، (كيا سفيه يا خسيس، فقال) لها: (إن كنت كذاك) أي سفيها أو خسيسا (فأنت طالق، إن أراد) بذلك (مكافأتها بإسماع ما تكره) أي إغاظتها بالطلاق كما أغاظته بالشتم المكروه، والمعنى: إن كنت كذلك في زعمك فأنت طالق، (طلقت) حالا (وإن لم يكن سفه) أو خسة، (أو) أراد (التعليق اعتبرت الصفة) كما هو سبيل التعليقات، فإن لم تكن موجودة لم تطلق. (وكذا) تعتبر الصفة (إن) أطلق بأن (لم يقصد) شيئا (في الأصح) نظرا لوضع اللفظ فلا تطلق عند عدمها. والثاني: لا تعتبر الصفة حملا على المكافأة اعتبارا بالعرف. وهذا هو الخلاف في أنه يراعى الوضع أو العرف. (والسفه) المعلق به كما هو في المحرر (منافي إطلاق التصرف) فهو صفة لا يكون الشخص معها مطلق التصرف، وقد مر ذلك في بابه. قال الأذرعي: والعرف في زمننا جار بأنه ذو اللسان الفاحش المواجه بما يستحيي منه غالب الناس، فالوجه الحمل عليه لا سيما في العامي الذي لا يعرف السفه من غيره، وقد تدل قرينة على إرادة ذلك بأن خاطبها بما فيه فحش من القول فخاطبته بذلك مشيرة إلى ما صدر منه اه‍. والمتجه أن السفيه يرجع فيه إلى ما قاله المصنف لا إلى ما قاله الأذرعي إلا إن ادعاه وكان هناك قرينة، وأما العاصي فيرجع فيه إلى ما قاله وإن لم توجد قرينة. (والخسيس، قيل) أي قال العبادي: معناه أنه (من باع دينه بدنياه) أي ترك دينه لاشتغاله بدنياه. قال: وأخس الأخساء من باع آخرته بدنيا غيره. وقال الرافعي تفقها من نفسه نظرا للعرف. (ويشبه أن يقال) في معنى الخسيس: (هو من يتعاطى غير لائق به بخلا) بما يليق به، بخلاف من يتعاطاه تواضعا. والقواد من يجمع بين الرجال والنساء جمعا حراما إن كن غير أهله، قال ابن الرفعة: وكذا من يجمع بينهم وبين المرد. والقرطبان من يسكت على الزاني بامرأته، وفي معناه محارمه ونحوهن، والديوث بالمثلثة: من لا يمنع الداخل على زوجته من الدخول، قال الأذرعي: ويشبه أن محارمه وإماءه كزوجته للعرف. وقليل الحمية من لا يغار على أهله ومحارمه ونحوهن. والقلاش الذواق للطعام كمن يريد أن يشتري ولا يريد الشراء. والبخيل مانع الزكاة ومن لا يقري الضيف، فكل منهما بخيل.
ومن قيل له: يا زوج القحبة فقال: إن كانت زوجتي كذا فهي طالق طلقت إن قصد التخلص من عارها، كما لو قصد المكافأة، وإلا اعتبرت الصفة. والقحبة هي البغي. والجهود وري من قام به الذلة والخساسة، وقيل: من قام به صفرة الوجه، فعلى الأول إذا علق الطلاق به المسلم لم تطلق، لأنه لا يوصف بها، فإن قصد المكافأة بها طلقت في الحال. والكوسج من قل شعر وجهه وعدم شعر عارضيه. والأحمق من يفعل الشئ في غير موضعه مع علمه بقبحه، وقيل: من لا ينتفع بعقله، وقيل: من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه. والغوغاء من يخالط الأراذل ويخاصم الناس بلا حاجة. والسفلة من يعتاد دنئ الافعال لا نادرا. فإذا وصفت زوجها بشئ من ذلك فقال لها: إن كنت كذلك فأنت طالق، فإن قصد مكافأتها طلقت في الحال وإلا اعتبر موجود الصفة. ولو قالت له: كم تحرك لحيتك فقد رأيت مثلها كثيرا، فقال لها: إن كنت رأيت مثلها كثيرا فأنت طالق، فهذه اللفظة في مثل هذا المقام كناية عن الرجولية والفتوة ونحوها، وإن حمل اللفظ على المكافأة طلقت وإلا اعتبرت وجود الصفة. ولو قالت له: أنا أستنكف منك، فقال: كل امرأة تستنكف مني
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460