مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٢
خرجت بغير الاذن طلقت، لأن كلما تقتضي التكرار كما مر، وخلاصه من ذلك أن يقول لها: أذنت لك أن تخرجي متى شئت أو كلما شئت. ولو قال لها: إن خرجت لغير الحمام فأنت طالق فخرجت إليه ثم عدلت لغيره لم تطلق لأنها لم تخرج إلى غيره، بخلاف ما لو خرجت لغيره ثم عدلت إليه. ولو خرجت لهما فوجهان، أحدهما وصححه في الروضة هنا: أنها تطلق لأنها خرجت لغير الحمام، كما لو قال لها: إن كلمت زيدا وعمرا والثاني: أنها لا تطلق كما في المهمات، وهو المعروف المنصوص، وقد قال في الروضة في الايمان: الصواب الجزم به، وعلله الرافعي بأن المفهوم من اللفظ المذكور الخروج لمقصود أجنبي عن الحمام، وهذا الحمام مقصود بالخروج. وقد حاول شيخنا بين ما هنا وما في الايمان بأن ما هناك محمول على ما إذا قصد بحلفه لهما خروج لغير الحمام فقط، وما هنا على ما إذا لم يقصد بحلفه شيئا فيصدق حينئذ على الخروج لهما أنه خروج لغير الحمام لأن الخروج لهما خروج لغير الحمام، وهذا أولى من التناقض. ولو حلف لا يخرج من البلد إلا مع امرأته فخرجا لكنه تقدم عليها بخطوات، أو حلف لا يضر بها إلا بموجب فشتمته فضربها بسوط مثلا لم تطلق للعرف في الأولى ولضربه لها بموجب في الثانية، إذ المراد فيها بالموجب ما تستحق الضرب عليه تأديبا. ولو حلف لا يأكل من مال زيد فأضافه أو نثر مأكولا فالتقطه أو خلط زاد بهما لم يحنث لأن الضيف يملك الطعام قبيل الازدراد، والملتقط يملك الملقوط بالأخذ، فالخلط في معنى المعاوضة. ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها، نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث، قاله الأذرعي. ولو قال لها: إن لم تخرجي الليلة من داري فأنت طالق ثلاثا فخالعها بنفسها أو أجنبي في الليل وإن تمكنت قبله من الخروج ثم جدد نكاحها أو لم يجدده وإن لم تخرج لم تطلق، قال الرافعي: لأن الليل كله محل اليمين ولم يمض الليل كله وهي زوجة له. وقد تقدم أن ابن الرفعة أفتى بأنه لا يتخلص بذلك فيما لو حلف لأفعلن كذا في مدة كذا بعد أن أفتى بخلافه وقال: تبين لي أنه خطأ، ورد عليه البلقيني. وقال: إن الصواب ما أفتى به أولا. وهو ظاهر كلام الأصحاب فليكن هو المفتى به. (ولو قال) لها: (أنت طالق إلى حين أو) إلى (زمان) أي بعد كل منهما، فإلى في كلامه بمعنى بعد، (أو بعد حين) أو زمان، (طلقت بمضي لحظة) لأن ذلك يقع على المدة الطويلة والقصيرة، قال تعالى: * (حين تمسون وحين تصبحون) *، وقال تعالى: * (هل أتى على الانسان حين من الدهر) * قيل: أراد تسعة أشهر، وقيل: أربعين سنة، وقيل: مائة وعشرين سنة، وقيل: ستمائة سنة، وهي التي بين عيسى وبين نبينا (ص).
فإن قيل: لو قال: والله لأقضينك حقك إلى حين لم يحنث بمضي لحظة، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الطلاق إنشاء ولأقضين وعد فيرجع فيه إليه.
تنبيه: العصر والدهر هو الزمن كما قاله الجوهري، والوقت والآن والحقب بفتح القاف كالزمان والحين فيما مر كما قاله الأصحاب وإن استبعده الإمام والغزالي، أما الحقب بضم القاف فهو ثمانون سنة.
فروع: لو حلف لا صمت زمانا حنث بالشروع في الصوم كما لو حلف لا صمت. ولو حلف ليصومن أزمنة كفاه صوم يوم لاشتماله على أزمنة. ولو حلف ليصومن الأيام كفاه ثلاثة منها. ولو قال لزوجته: إن كان الله يعذب الموحدين فأنت طالق لم تطلق إلا أن يريد إن كان يعذب أحدا منهم. ولو اتهمته زوجته باللواط فحلف لا يأتي حراما حنث بكل محرم. ولو قال: إن خرجت من الدار فأنت طالق ثم قال: ولا تخرجين من الصفة أيضا لغا الأخير، لأنه كلام مبتدأ ليس فيه صيغة تعليق ولا عطف. ولو قال لها: أنت طالق في البحر. أو في مكة، أو في الظل، أو نحو ذلك مما لا ينتظر طلقت في الحال إن لم يقصد التعليق. (ولو علق) الطلاق (برؤية زيد) مثلا، ك‍ إن رأيته فأنت طالق، (أو لمسه وقذفه) ك‍ إن لمسته أو قذفته فأنت طالق، (تناوله) التعليق (حيا وميتا) فيحنث برؤية الميت ومس بشرته لصدق الاسم في الميت كما في الحي، ولهذا يحد قاذفه، وينتقض وضوء ماسه. وخرج بالبشرة مسه بحائل، ومس شعره وظفره وسنه، ويكفي
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460