مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٣
في الرؤية رؤية شئ من بدنه ولو غير وجهه، ولو رأته وهي سكرى أو وهو سكران ولو كان المرئي في ماء صاف وزجاج وشفاف لا خيال فيهما طلقت لوجود الوصف، بخلاف ما لو رأته وهي نائمة، أو وهو متزر بثوب، أو ماء كدر، أو زجاج كثيف أو نحوه، أو برؤيتها خياله في المرآة. نعم لو علق برؤيتها وجهها فرأته في المرآة طلقت إذ لا يمكنها رؤيته إلا كذلك، صرح به القاضي في فتاويه فيما لو علق برؤيته وجهه. ويعتبر مع ما ذكر صدق رؤية كله عرفا، فقد قال المتولي بعد ذكره ما مر: أما لو أخرج يده أو رجله من كوة فرأت ذلك العضو منه لم تطلق لأن الاسم لا يصدق عليه، فإن كانت عمياء وأيس من برئها عادة كمن تراكم على عينيها البياض، أو عاريا، أو ولدت عمياء، فتعليق بمستحيل. ولو علق برؤيتها الهلاك حمل على العلم به، ولو برؤية غيرها له، أو بتمام العدد فتطلق بذلك، لأن العرف يحمل ذلك على العلم، وعليه حمل خبر: صوموا لرؤيته بخلاف رؤية زيد مثلا، فقد يكون الغرض زجرها عن رؤيته. وعلى اعتبار العلم يشترط الثبوت عند الحاكم كما في الخبر السابق، أو تصديق الزوج كما قاله ابن الصباغ وغيره. ولو أخبره به صبي أو عبد أو امرأة أو فاسق وصدقه فالظاهر كما قال الأذرعي مؤاخذته. ولو قال: أردت بالرؤية المعاينة صدق بيمينه. نعم إن كان التعليق برؤية عمياء فلا يصدق، لأنه خلاف الظاهر لكن يدين، فإذا قبلنا التفسير بالمعاينة ومضى ثلاث ليال ولم تر فيها الهلال من أول شهر تستقبله انحلت يمينه، لأنه لا يسمى بعدها هلالا. (بخلاف ضربه) إذا علق الطلاق به، ك‍ إن ضربت زيدا فأنت طالق فضربته وهو ميت لانتفاء الألم، أو وهو حي طلقت بضربه بسوط أو وكز أو نحو ذلك إن آلم المضروب كما في الروضة ولو مع حائل. بخلاف ما إذا لم يؤلمه، أو عضه أو قطع شعره أو نحو ذلك، فإنه لا يسمى ضربا. فإن قيل: قد صرحوا في الايمان بعدم اشتراط الايلام فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك. أجيب بأن الايمان مبناها على العرف، ويقال في العرف ضربه فلم يؤلمه.
فروع: لو علق بتكليمها زيدا فكلمته وهو مجنون أو سكران سكرا يسمع معه ويتكلم، وكذا إن كلمته وهي سكرى لا السكر الطافح طلقت لوجود الصفة ممن يكلم غيره ويكلم هو عادة، فإن كلمته في نوم أو إغماء منه أو منها، أو كلمته وهي مجنونة، أو كلمته بهمس وهو خفض الصوت بالكلام حيث لا يسمعه المخاطب، أو نادته من مكان لا يسمع منه، فإن فهمه بقرينة، أو حملته ريح إليه وسمع لم تطلق، لأن ذلك لا يسمى كلاما عادة. وإن كلمته بحيث يسمع لكنه لا يسمع لذهول منه، أو لشغل، أو لغط، ولو كان لا يفيد معه الاصغاء طلقت لأنها كلمته وعدم السماع لعارض، وإن كان أصم فكلمته فلم يسمع لصمم بحيث لو لم يكن أصم لسمع فقيل يقع، لأنها كلمته بحيث يسمع وإن تعذر السماع لأمر به فأشبه شغل قلبه، وصحح هذا الرافعي في الشرح الصغير وجزم به في أصل الروضة في كتاب الجمعة ونقله المتولي ثم عن النص، وقال الزركشي: تتعين الفتوى به، وقيل: لا تطلق لأنها لم تكلمه عادة فهو في حقه كالهمس، وبهذا صرح المصنف في تصحيحه وجرى عليه ابن المقري في روضه. هذا والأوجه كما قال شيخنا حمل الأول على من يسمع مع رفع الصوت، والثاني على من لم يسمع مع رفعه، وهذا أولى من تضعيف أحد الوجهين. ولو قال: إن كلمت نائما أو غائبا عن البلد مثلا فأنت طالق، لم تطلق لأنه تعليق بمستحيل، كما لو قال: إن كلمت ميتا أو حمارا. ولو قال: إن كلمت زيدا فأنت طالق فكلمت حائطا مثلا وهو يسمع فوجهان، أصحهما أنها لا تطلق لأنها لم تكلمه. والثاني: تطلق لأنه المقصود بالكلام دون الحائط، ولو قال: إن كلمت رجلا فأنت طالق فكلمت أباها أو غيره من محارمها أو زوجها طلقت لوجود الصفة، فإن قال: قصدت منعها من مكالمة الرجال الأجانب قبل منه لأنه الظاهر. ولو قال: إن كلمت زيدا أو عمرا فأنت طالق طلقت بتكليم أحدهما وانحلت اليمين فلا يقع بتكليم الآخر شئ، أو: إن كلمت زيدا وعمرا فأنت طالق لم تطلق إلا بكلامهما معا أو مرتبا، أو: إن كلمت زيدا ثم عمرا أو زيدا فعمرا اشترط تكليم زيد أولا وتكليم عمرو بعده متراخيا في الأولى وعقب كلام زيد في الثانية.
تنبيه: الأصحاب إلا الإمام والغزالي يميلون في التعليق إلى تقديم الوضع اللغوي على العرف الغالب، لأن العرف
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460