مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٢٤
البوشنجي. وعقد النكاح لازم من جهة الزوجة، وكذا من جهة الزوج على الأصح. وهل هو ملك أو إباحة؟ وجهان، ويظهر أثر الخلاف فيمن حلف لا يملك شيئا وهو متزوج، وفيما لو وطئت الزوجة بشبهة إن قلنا ملك فالمهر له وإلا فلها.
واختار المصنف عدم الحنث في الأولى إذا لم يكن له نية إذ لا يفهم منه الزوجية، وأما في الثانية فالمهر لها، فظهر أن الراجح هو الثاني. وهل كل من الزوجين معقود عليه أو المرأة فقط؟ وجهان، أوجههما الثاني. والأصل في حله الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فمن الكتاب قوله تعالى: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * وقوله تعالى: * (وأنكحوا الأيامى منكم) *. ومن السنة قوله (ص): من أحب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح، وقوله (صلى الله عليه وسلم): تناكحوا تكثروا رواهما الشافعي بلاغا، وقوله (ص): الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة رواه مسلم، وقوله (ص): من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه أي لأن الفرج واللسان لما استوى في إفساد الدين جعل كل واحد شطرا. قال الأطباء: ومقاصد النكاح ثلاثة: حفظ النسل، وإخراج الماء الذي يضر احتباسه، ونيل اللذة، وهذه الثالثة هي التي في الجنة إذ لا تناسل هناك ولا احتباس. قال البلقيني: والنكاح شرع من عهد آدم (ص) واستمرت مشروعيته، بل هو مستمر في الجنة ولا نظير له فيما يتعبد به من العقود بعد الايمان قال: قلت:
ذلك بفتح الكريم المنان اه‍. وقد جرت عادة أصحابنا بتخصيص هذا الكتاب بذكر الخصائص الشريفة أوله لأنها في النكاح أكثر منها في غيره، وقد ذكرت منها أشياء كثيرة ينشرح الصدر بها في شرح التنبيه فلا أطيل بذكره هاهنا، ولكن أذكر منها طرفا يسيرا تبركا ببركة صاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام، فإن ذكرها مستحب. قال في الروضة: ولا يبعد القول بوجوبها لئلا يرى الجاهل بعض الخصائص في الخبر الصحيح، فيعمل به أخذا بأصل التأسي فوجب بيانها لتعرف، وهي أربعة أنواع: أحدها: الواجبات، وهي أشياء كثيرة، منها الضحى، والوتر، والأضحية، والسواك، والمشاورة. والنوع الثاني: المحرمات، وهي أيضا كثيرة، منها الزكاة، والصدقة، ومعرفة الخط والشعر، وخائنة الأعين، وهي الايماء بما يظهر خلافه دون الخديعة في الحرب، ونكاح الأمة ولو مسلمة النوع الثالث:
التخفيفات والمباحات، وهي كثيرة أيضا، منها تزويج من شاء من النساء لمن شاء ولو لنفسه بغير إذن من المرأة ووليها متوليا الطرفين، وزوجه الله تعالى وأبيح له الوصال وصفي المغنم ويحكم ويشهد لولده ولنفسه، وأبيح له نكاح تسع، وقد تزوج (ص) بضع عشرة، ومات عن تسع. قال الأئمة: وكثرة الزوجات في حقه (ص) للتوسعة في تبليغ الأحكام عنه الواقعة سرا مما لا يطلع عليه الرجال ونقل محاسنه الباطنة فإنه (ص) تكمل له الظاهر والباطن.
النوع الرابع: الفضائل والاكرام، وهي كثيرة جدا، منها تحريم منكوحاته على غيره، سواء أكن موطوءات أم لا، مطلقات أم لا، باختيارهن أم لا، وتحريم سراريه وهن إماؤه الموطوءات بخلاف غير الموطوءات، وتفضيل زوجاته على سائر النساء على ما يأتي، وثوابهن وعقابهن مضاعف وهن أمهات المؤمنين، فلا يقال لهن أمهات المؤمنات، بخلافه (صلى الله عليه وسلم) فإنه أب للرجال والنساء، وأما قوله تعالى: * (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) * فمعناه ليس أحد من رجالكم ولد صلبه، ويحرم سؤالهن إلا من وراء حجاب، وأفضلهن خديجة ثم عائشة، وأفضل نساء العالمين مريم بنت عمران إذ قيل بنبوتها، ثم فاطمة بنت رسول الله (ص) ثم خديجة ثم عائشة ثم آسية امرأة فرعون، وأما خبر الطبراني: خير نساء العالمين مريم بنت عمران، ثم خديجة بنت خويلد، ثم فاطمة بنت محمد (ص) ثم آسية امرأة فرعون فأجاب عنه ابن العماد بأن خديجة إنما فضلت فاطمة باعتبار الأمومة لا باعتبار السيادة، وهو (ص) خاتم النبيين وأفضل الخلق على الاطلاق، وخص بأنه أول النبيين خلقا وبتقديم نبوته، فكان نبيا وآدم منجدل في طينته وبتقدم أخذ الميثاق عليه، وبأنه أول من قال: بلى وقت * (ألست بربكم) * وبخلق آدم وجميع المخلوقات لأجله، وبكتابة اسمه الشريف على العرش والسماوات والجنان وسائر ما في الملكوت، وبشق صدره الشريف في أحد القولين، وبجعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه، وبحراسة السماء من استراق السمع والرمي بالشهب، وبإحياء أبويه حتى آمنا به، وأكرم (صلى الله عليه وسلم) بالشفاعات الخمس يوم القيامة، أولها العظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء، الثانية: في إدخال خلق الجنة بغير حساب، الثالثة: في ناس استحقوا دخول النار فلا يدخلونها، الرابعة: في ناس دخلوا
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460