مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
بالتزوج الذي هو القبول لأن التفاصيل المذكورة من كراهة وغيرها إنما هي فيه لا في العقد المركب الذي هو النكاح.
(فإن فقدها) بفتح القاف: أي عدم الأهبة، (استحب) له (تركه) لقوله تعالى: * (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) *، ولمفهوم قوله (ص): من استطاع منكم الباءة فليتزوج، والذي في الروضة وأصلها، الأولى أن لا ينكح وهي دون عبارة الكتاب في الطلب كما قال ابن النقيب ونظر فيه، وأشد منها في الطلب قوله في شرح مسلم بكراهة النكاح. ولو قال المصنف: لم يستحب كان أخصر وأظهر في المراد، (ويكسر) إرشادا (شهوته بالصوم) للخبر السابق. قالوا: والصوم يثير الحركة أولا، فإذا دام سكنت، وإن لم تنكسر شهوته تزوج، قال عمر رضي الله عنه:
ما رأيت مثل من ترك النكاح بعد قوله تعالى: * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) *. وروى الترمذي:
ثلاث حق على الله أن يعينهم منهم الناكح يريد أن يستعفف. وفي مراسيل أبي داود أنه (ص) قال: من ترك التزوج مخافة العيلة فليس منا. وأجيب عن قوله تعالى: * (وليستعفف) * بحملها على من لم يجد من يتزوجه ولا يكسرها بكافور ونحوه، لأنه نوع من الخصاء وقال البغوي: يكره أن يحتال لقطع شهوته، ونقله في المطلب عن الأصحاب وقيل: يحرم، وجزم به في الأنوار. والأولى حمل الأول على ما إذا لم يغلب على ظنه قطع الشهوة بالكلية بل تغيرها في الحال، ولو أراد إعادتها باستعمال ضد تلك الأدوية لامكنه ذلك. والثاني: على القطع لها مطلقا. (فإن لم يحتج) للنكاح بأن لم تتق نفسه له من أصل الخلقة أو لعارض كمرض أو عجز، (كره) له (إن فقد الأهبة) لما فيه من التزام ما لا يقدر على القيام به من غير حاجة. وحكم الاحتياج للتزويج لغرض صحيح غير النكاح كخدمة وتأنس كالاحتياج للنكاح كما بحثه الأذرعي، وفي الاحياء ما يدل عليه.
تنبيه: محل الكراهة فيمن يصح نكاحه مع عدم الحاجة، أما من لا يصح مع عدم الحاجة كالسفيه فإنه يحرم عليه النكاح حينئذ، قاله البلقيني. (وإلا) بأن وجد الأهبة مع عدم حاجته للنكاح ولا علة به، (فلا) يكره له لقدرته عليه، ومقاصد النكاح لا تنحصر في الجماع، (لكن العبادة) أي التخلي لها في هذه الحالة (أفضل) له من النكاح إذا كان يقطعه عنها اهتماما بها. وفي معنى التخلي للعبادة التخلي للاشتغال بالعلم كما قاله الماوردي، بل هو داخل فيها.
تنبيه: قضية كلامه أن النكاح ليس بعبادة بل هو مباح بدليل صحته من الكافر، ولو كان عبادة لما صح منه. ورد بأنه إنما صح من الكافر وإن كان عبادة لما فيه من عمارة الدنيا كعمارة المساجد والجوامع والعتق، فإن هذه تصح من المسلم وهي منه عبادة، ومن الكافر وليست منه عبادة، ويدل لكونه عبادة أمر النبي صلى الله عليه وسلم. والعبادة تتلقى من الشرع، وفي فتاوى المصنف: إن قصد به طاعة من ولد صالح أو إعفاف فهو من عمل الآخرة ويثاب عليه، وإلا فهو مباح اه‍. وينزل الكلامان على هذا. واستثني من ذلك نكاح النبي (ص) فإنه عبادة مطلقا، وفائدته نقل الشريعة التي لا يطلع عليها إلا النساء. (قلت) كما قاله الرافعي في الشرح: (فإن لم يتعبد) فاقد الحاجة للنكاح واجد الأهبة الذي لا علة به، (فالنكاح) له (أفضل) من تركه (في الأصح) كيلا تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش. والثاني: تركه أفضل منه للخطر في القيام بواجبه. وفي الصحيح: اتقوا الله واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء. (فإن وجد الأهبة و) لكن (به علة كهرم) وهو كبر السن، (أو مرض دائم أو تعنين) دائم أو كان ممسوحا، (كره) له (والله أعلم) لعدم الحاجة إليه مع منع المرأة من التحصين، أما من يعن في وقت دون وقت فلا يكره له وإن أفهم عدم تقييد المصنف له خلافة: والتعنين مصدر عن: أي تعرض، فكأنه يتعرض للنكاح ولا يقدر عليه. ثم شرع في الصفات المطلوبة في المنكوحة، فقال: (ويستحب دينة) لخبر الصحيحين:
تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها. أي وهو زيادة النسب، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460