مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٣١١
قبل وإن تأخر الوقوع، لأن ضرر وقوع العدد أكثر من فائدة تأخر الوقوع.
فروع: لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة، فإن كانت ممن لا سنة لها ولا بدعة كالصغيرة طلقت في الحال ثلاثا كما لو وصفها كلها بالسنة أو البدعة، وإن كانت ذات أقراء طلقت طلقتين في الحال وطلقة ثالثة في الحال الثاني، لأن التبعيض يقتضي التشطير، ثم يسري. فإن قال: أردت إيقاع طلقة في الحال وطلقتين في الحال الثاني صدق بيمينه، ولو أراد إيقاع بعض كل طلقة في الحال وقع الثلاث في الحال بطريق التكميل. ولو قال: أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وسكت وهي في حال السنة أو البدعة وقع في الحال واحدة فقط، لأن البعض ليس عبارة عن النصف، وإنما حمل فيما مر على التشطير لإضافة البعضين إلى الحالين فيسوى بينهما. ولو قال: أنت طالق خمسا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة طلقت ثلاثا في الحال أخذا بالتشطير والتكميل. ولو قال: أنت طالق طلقتين طلقة للسنة وطلقة للبدعة وقع طلقة في الحال وفي المستقبل طلقة. وإن قال: أنت طالق طلقتين للسنة والبدعة وقع الطلقتان في الحال، لأن قوله: للسنة والبدعة وصف للطلقتين في الظاهر فيلغو للتنافي ويبقى الطلقتان. وقوله لها: طلقتك طلاقا كالثلج أو كالنار يقع في الحال ويلغو التشبيه المذكور، خلافا لمن قال إن قصد التشبيه بالثلج في البياض وبالنار في الإضاءة طلقت في زمن السنة، أو التشبيه بالثلج في البرودة وبالنار في الحرارة والاحراق طلقت في زمن البدعة. (ولا يحرم جمع الطلقات) لأن عويمر العجلاني لما لاعن امرأته عند رسول الله (ص) طلقها ثلاثا قبل أن يخبره (ص) أنها تبين باللعان، متفق عليه، فلو كان إيقاع الثلاث حراما لنهاه عن ذلك ليعلمه هو ومن حضره، ولان فاطمة بنت قيس شكت للنبي (ص) أن زوجها طلقها البتة. قال الشافعي رضي الله عنه: يعني والله أعلم ثلاثا، ولم نعلم أن النبي (ص) نهى عن ذلك وقد فعله جمع من الصحابة وأفتى به آخرون اه‍. وكما لا يحرم جمعها لا يكره، ولكن يسن الاقتصار على طلقتين في القرء لذات الأقراء وفي شهر لذات الأشهر ليتمكن من الرجعة أو التجديد إن ندم، فإن لم يقتصر على ذلك فليفرق الطلقات على الأيام ويفرق على الحامل طلقة في الحال ويراجع، وأخرى بعد النفاس، والثالثة بعد الطهر من الحيض، وقيل: يطلقها في كل شهر طلقة.
تنبيه: أفهم كلام المصنف وقوع الثلاث عند جمعهن، وعليه اقتصر الأئمة، وحكي عن الحجاج بن أرطأة وطائفة من الشيعة والظاهرية أنه لا يقع منها إلا واحدة، واختاره من المتأخرين من لا يعبأ به فأفتى به واقتدى به من أضله الله تعالى، واحتجوا بما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة، ثم قال عمر: إن الناس قد استعجلوا ما كانوا فيه على أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.
وعلى تقدير صحة هذا الحديث أجيب عنه بجوابين: أحدهما وهو محكي عن أبي ذرعة الرازي أن معناه أن الطلاق المعتاد في الزمن الأول كان طلقة واحدة وصار الناس في زمن عمر رضي الله عنه يوقعون الثلاث دفعة واحدة فنفذه عليهم، فيكون إخبارا عن اختلاف عادة الناس لا عن تغير حكم في مسألة واحدة، ومعناه: كان الطلاق الثلاث الذي يوقعونه الآن دفعة إنما كان في الزمن الأول يوقعونه واحدة فقط، واعتمد هذا الشيخ علاء الدين النجاري الحنفي، وقال: إن النص مشير إلى هذا من لفظ الاستعجال، يعني أنه كان للناس أناة، أي مهلة في الطلاق، فلا يوقعون إلا واحدة واحدة فاستعجل الناس وصاروا يوقعون الثلاث دفعة واحدة، وإلا إذا كان معنى الحديث أن إيقاع الثلاث دفعة واحدة، كان في الزمن الأول إنما يقع واحدة واحدة، وهكذا في الزمن الثاني قبل التنفيذ فما الذي استعجلوه. الجواب الثاني:
أنه محمول على من فرق اللفظ فقال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فكانوا أولا يصدقون في إرادة التأكيد لقلة الخيانة فيهم، فلما كان زمن عمر رضي الله عنه ورأي تغير الأحوال لم يقبل إرادة التأكيد وأمضاه على الاستئناف.
قال المصنف في شرح مسلم: وهذا أصح الأجوبة، وقال السبكي إنه أحسن محامل الحديث اه‍. ولا فرق في وقوع الثلاث بين أن يكون ذلك منجزا أو معلقا، وقد وجدت صفته حلفا كان أو غير حلف قال السبكي: وابتدع بعض
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460