الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٦٢
لأنه إنما يشترط في العقود التي يشترط فيها ارتباط القبول بالايجاب فلا يصح قبول ولا رد في حياة الموصي إذ لا حق له قبل الموت، فأشبه إسقاط الشفعة قبل البيع فلمن قبل في الحياة الرد بعد الموت وبالعكس. ويصح الرد بين الموت والقبول لا بعدهما وبعد القبض، وأما بعد القبول وقبل القبض فالأوجه عدم الصحة كما صححه النووي في الروضة كأصلها وإن صحح في تصحيحه الصحة، فإن مات الموصى له قبل الموصي بطلت الوصية لأنها قبل الموت غير لازمة فبطلت بالموت، وإن مات بعد الموصي وقبل القبول والرد خلفه وارثه فيهما، فإن كان الوارث بيت المال فالقابل والرد هو الإمام وملك الموصى له المعين للموصى به الذي ليس بإعتاق بعد موت الموصي وقبل القبول موقوف إن قبل بان أنه ملكه بالموت، وإن رد بان أنه للوارث ويتبعه في الوقف الفوائد الحاصلة من الموصى به كثمرة وكسب والمؤنة ولو فطرة، ويطالب الوارث الموصى له أو الرقيق الموصى به أو القائم مقامهما من ولي ووصي بالمؤن إن توقف في قبول ورد كما لو امتنع مطلق إحدى زوجتيه من التعيين، فإن لم يقبل أو لم يرد خيره الحاكم بين القبول والرد، فإن لم يفعل حكم بالبطلان كالمتحجر إذا امتنع من الاحياء.
أما لو أوصى بإعتاق رقيق فالملك فيه للوارث إلى إعتاقه فالمؤنة عليه. وللموصي رجوع في وصيته وعن بعضها بنحو نقضتها كأبطلتها وبنحو قوله: هذا لوارثي مشيرا إلى الموصى به، وبنحو بيع ورهن وكتابة لما وصى به ولو بلا قبول وبوصية بذلك وتوكيل به وعرض عليه وخلطه برا معينا وصى به وخلطه صبرة وصى بصاع منها بأجود منها وطحنه برا وصى به وبذر له وعجنه دقيقا وصى به، وغزله قطنا وصى به ونسجه غزلا وصى به وقطعه ثوبا وصى به قميصا وبنائه وغراسه بأرض وصى بها. القول في الايصاء وشروط الوصي ثم شرع في الايصاء وهو إثبات تصرف مضاف لما بعد الموت بقوله: (وتصح الوصية) بمعنى الايصاء في التصرفات المالية المباحة يقال: أوصيت لفلان بكذا وأوصيت إليه، ووصيته إذا جعلته وصيا.
وقد أوصى ابن مسعود رضي الله عنه فكتب وصيتي إلى الله تعالى وإلى الزبير وابنه عبد الله.
وأركان الايصاء أربعة: موص ووصي وموصي فيه وصيغة. وشرط في الموصي بقضاء حق كدين وتنفيذ وصية ورد وديعة وعارية ما مر في الموصى بمال وقد مر بيانه. وشرط في الموصي بنحو أمر طفل كمجنون ومحجور بسفه مع ما مر ولاية عليه ابتداء من الشرع بتفويض، فلا يصح الايصاء ممن فقد شيئا من ذلك كصبي ومجنون ومكره ومن به رق وأم وعم ووصي لم يؤذن له فيه، ويصح الايصاء (إلى من اجتمعت فيه خمس شرائط) عند الموت وترك سادسا وسابعا كما ستعرفه الأول (الاسلام) في مسلم. (و) الثاني: (البلوغ و) الثالث: (العقل و) الرابع: (الحرية و) الخامس: (الأمانة) وعبر بعضهم عنها بالعدالة ولو ظاهرة وكلاهما صحيح. السادس الاهتداء إلى التصرف كما هو الصحيح في الروضة.
والسابع عدم عداوة منه للمولى عليه، وعدم جهالة، فلا يصح الايصاء إلى من فقد شيئا من ذلك كصبي ومجنون وفاسق ومجهول ومن به رق أو عداوة وكافر على مسلم، ومن لا يكفي في التصرف لسفه أو هرم أو لغيره لعدم الأهلية في بعضهم وللتهمة في الباقي. ويصح الايصاء إلى كافر معصوم عدل في دينه على كافر. واعتبرت الشروط عند الموت لا عند الايصاء ولا بينهما لأنه وقت التسلط على القبول حتى لو أوصى لمن خلا عن الشروط أو بعضهما كصبي ورقيق ثم استكملها عند الموت صح. ولا يضر عمى لأن الأعمى متمكن من التوكيل فيما لا يتمكن منه. ولا أنوثة لما في سنن أبي داود أن عمر رضي الله عنه أوصى إلى
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302