الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٦
إلا لعذر كما سيأتي، لأنه (ص) توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم. رواه أبو داود وغيره، وقال في المجموع: إنه صحيح. قال نقلا عن الأصحاب وغيرهم: فمن زاد على الثلاث أو نقص عنها فقد أساء وظلم في كل من الزيادة والنقص. فإن قيل: كيف يكون إساءة وظلما وقد ثبت أنه (ص) توضأ مرة مرة ومرتين مرتين؟
أجيب: بأن ذلك كله كان لبيان الجواز. فكان في ذلك الحال أفضل لأن البيان في حقه (ص) واجب. قال ابن دقيق العيد: ومحل الكراهة في الزيادة إذا أتى بها على قصد نية الوضوء، أي أو أطلق فلو زاد عليها بنية التبرد أو مع قطع نية الوضوء عنها لم يكره. وقال الزركشي: ينبغي أن يكون موضع الخلاف ما إذا توضأ ماء مباح أو مملوك له، فإن توضأ بماء موقوف على من يتطهر منه أو يتوضأ منه كالمدارس والربط حرمت عليه الزيادة بلا خلاف لأنها غير مأذون فيها. انتهى.
تنبيه: قد يطلب ترك التثليث كأن ضاق الوقت بحيث لو اشتغل به لخرج الوقت فإنه يحرم عليه التثليث، أو قل الماء بحيث لا يكفيه إلا للفرض فتحرم الزيادة لأنها تحوجه إلى التيمم مع القدرة على الماء كما ذكره البغوي في فتاويه، وجرى عليه النووي في التحفة، أو احتاج إلى الفاضل عنه لعطش بأن كان معه من الماء ما يكفيه للشرب لو توضأ به مرة مرة، ولو ثلث لم يفضل للشرب شئ فإنه يحرم عليه التثليث كما قاله الجيلي في الاعجاز، وإدراك الجماعة أفضل من تثليث الوضوء وسائر آدابه، ولا يجزئ تعدد قبل إتمام العضو نعم لو مسح بعض رأسه ثلاثا حصل التثليث لأن قولهم من سنن الوضوء تثليث الممسوح شامل لذلك، وأما ما تقدم فمحله في عضو يجب استيعابه بالتطهير ولا بعد تمام الوضوء، فلو توضأ مرة مرة ثم توضأ ثانيا وثالثا كذلك لم يحصل التثليث كما جزم به ابن المقري في روضه، وفي فروق الجويني ما يقتضيه، وإن أفهم كلام الإمام خلافه. فإن قيل: قد مر في المضمضة والاستنشاق أن التثليث يحصل بذلك. أجيب: بأن الفم والأنف كعضو واحد، فجاز فيهما كاليدين بخلاف الوجه واليد مثلا لتباعدهما، فينبغي أن يفرغ من أحدهما ثم ينتقل إلى الآخر، ويأخذ الشاك باليقين في المفروض وجوبا وفي المندوب ندبا، لأن الأصل عدم ما زاد، كما لو شك في عدد الركعات، فإذا شك هل غسل ثلاثا أو مرتين أخذ بالأقل وغسل أخرى. (القول في الموالاة وضابطها) (و) العاشرة: (الموالاة) بين الأعضاء في التطهير بحيث لا يجف الأول قبل الشروع في الثاني مع اعتدال الهواء ومزاج الشخص نفسه والزمان والمكان، ويقدر الممسوح مغسولا. هذا في غير وضوء صاحب الضرورة كما تقدم، وما لم يضق الوقت وإلا فتجب والاعتبار بالغسلة الأخيرة ولا يحتاج التفريق الكثير إلى تجديد نية عند عزوبها لأن حكمها باق. (القول في السنن الزائدة على العشر) وقد قدمنا أن المصنف لم يحصر سنن الوضوء فيما ذكره، فلنذكر منها شيئا مما تركه، فمن السنن ترك الاستعانة في الصب عليه لغير عذر لأنه الأكثر من فعله (ص)، ولأنها نوع من التنعم والتكبر، وذلك لا يليق بالمتعبد والاجر على قدر النصب، وهي خلاف الأولى. أما إذا كان ذلك لعذر كمرض أو نحوه فلا يكون خلاف الأولى دفعا للمشقة، بل قد تجب الاستعانة إذا لم يمكنه التطهير إلا بها ولو ببذل أجرة مثل، والمراد بترك الاستعانة الاستقلال بالافعال لا طلب الإعانة فقط حتى لو أعانه غيره وهو ساكت كان الحكم كذلك. ومنها ترك نفض الماء لأنه كالتبري من العبادة فهو خلاف الأولى كما جزم به النووي في التحقيق، وإن رجح في زيادة الروضة أنه مباح. ومنها ترك تنشيف الأعضاء بلا عذر لأنه يزيل أثر العبادة، ولأنه (ص) بعد غسله من الجنابة أتته ميمونة بمنديل فرده، وجعل يقول بالماء هكذا ينفضه. رواه الشيخان ولا دليل
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306