الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٣
نجاسة اليد في النوم كأن تقع على محل الاستنجاء بالحجر، لأنهم كانوا يستنجون به فيحصل لهم التردد، وعلى هذا حمل الحديث لا على مطلق النوم كما ذكره النووي في شرح مسلم، وإذا كان هذا هو المراد فمن لم ينم واحتمل نجاسة يده كان في معنى النائم، وهذه الغسلات الثلاث هي المندوبة أول الوضوء، لكن ندب تقديمها عند الشك على غمس يده ولا تزول الكراهية إلا بغسلهما ثلاثا، لأن الشارع إذا غيا حكما بغاية فإنما يخرج من عهدته باستيفائها، فسقط ما قيل من أنه ينبغي زوال الكراهة بواحدة لتيقن الطهر بها كما لا كراهة إذا تيقن طهرهما ابتداء، ومن هنا يؤخذ ما بحثه الأذرعي أن محل عدم الكراهة عند تيقن طهرهما إذا كان مستندا ليقين غسلهما ثلاثا، فلو غسلهما فيما مضى من نجاسة متيقنة أو مشكوكة مرة أو مرتين كره غمسهما قبل إكمال الثلاثة، ومثل المائع فيما ذكر كل مأكول رطب كما في العباب، فإن تعذر عليه الصب لكبر الاناء ولم يجد ما يغرف به منه استعان بغير أو أخذه بطرف ثوب نظيف أو بفيه أو نحو ذلك، أما إذا تيقن نجاستهما فإنه يحرم عليه إدخالهما في الاناء قبل غسلهما لما في ذلك من التضمخ بالنجاسة، وخرج بالماء القليل الكثير فلا يكره فيه كما قاله النووي في دقائقه. (القول في المضمضة والاستنشاق) (و) الثالثة (المضمضة) وهي جعل الماء في الفم ولو من غير إدارة فيه ومج منه (و) الرابعة (الاستنشاق) بعد المضمضة، وهو جعل الماء في الانف، وإن لم يصل إلى الخيشوم وذلك للاتباع. رواه الشيخان، وأما خبر: تمضمضوا واستنشقوا فضعيف.
تنبيه: تقديم غسل اليدين على المضمضة، وهي على الاستنشاق مستحق لا مستحب عكس تقديم اليمنى على اليسرى، وفرق الروياني بأن اليدين مثلا عضوان، متفقان اسما وصورة بخلاف الفم والأنف. فوجب الترتيب بينهما كاليد والوجه: فلو أتى بالاستنشاق مع المضمضة حسبت دونه وإن قدمه عليها، فقضية كلام المجموع أن المؤخر يحسب. وقال في الروضة: لو قدم المضمضة والاستنشاق على غسل الكف لم يحسب الكف على الأصح. قال الأسنوي: وصوابه ليوافق ما في المجموع لم تحسب المضمضة والاستنشاق على الأصح انتهى. والمعتمد ما في الروضة لقولهم في الصلاة الثالث عشر ترتيب الأركان خرج السنن فيحسب منها ما أوقعه أولا، فكأنه ترك غيره فلا يعتد بفعله بعد ذلك، كما لو تعوذ ثم أتى بدعاء الافتتاح. ومن فوائد غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق أولا معرفة أوصاف الماء وهي اللون والطعم والرائحة هل تغيرت أو لا؟ ويسن أخذ الماء باليد اليمنى، ويسن أن يبالغ فيهما غير الصائم لقوله (ص) في رواية، صحح ابن القطان إسنادها: إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائما والمبالغة في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثات، ويسن إدارة الماء في الفم ومجه، وإمرار أصبع يده اليسرى على ذلك، والاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم، ويسن الاستنثار للامر به في خبر الصحيحين، وهو أن يخرج بعد الاستنشاق ما في أنفه من ماء وأذى بخنصر يده اليسرى، وإذا بالغ في الاستنشاق فلا يستقصي فيصير سعوطا لا استنشاقا قاله في المجموع. أما الصائم فلا تسن له المبالغة بل تكره لخوف الافطار كما في المجموع. فإن قيل: لم لم يحرم ذلك كما قالوا بتحريم القبلة إذا خشي الانزال مع أن العلة في كل منهما خوف الفساد؟. أجيب: بأن القبلة غير
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306