فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٨ - الصفحة ١٠٨
اسلام البائع والمشترى ليس بشرط في صحة المطلق البيع والشراء لكن لو اشترى الكافر عبدا مسلما ففي صحته قولان (أصحهما) وبه قال أحمد وهو نصه في الاملاء أنه لا يصح لان الرق ذل فلا يصح اثباته للكافر على المسلم كما لا ينكح الكافر المسلمة (والثاني) وبه قال أبو حنيفة أنه يصح لأنه طريق من طرق الملك فيملك به الكافر على المسلم كالإرث * والقولان جاريان فيما لو وهب منه عبد مسلم فقيل أو وصي له بعبد مسلم قال في التتمة هذا إذا قلنا الملك في الوصية يحصل بالقبول (فان قلنا) يحصل بالموت ثبت بلا خلاف كالإرث * ولو اشترى مصحفا أو شيئا من اخبار الرسول صلى الله عليه وسلم ففيه طريقان (أحدهما) وبه أجاب في الكتاب طرد القولين (وأظهرهما) القطع بالبطلان والفرق ان العبد يمكنه الاستغاثة ودفع الذل عن نفسه * قال العراقيون والكتب التي فيها آثار السلف رضي الله عنهم كالمصحف في طرد الخلاف * ولا منع من بيع كتب أبي حنيفة من الكافر لحلوها من الآثار والاخبار (وأما) كتب أصحابه رضي الله عنهم فمشحونة بها فحكمها حكم سائر الكتب المشتملة عليها * وامتنع الماوردي في الحاوي من الحاق كتب الحديث والفقه بالمصحف وقال إن بيعها منه صحيح لا محالة * وهل يؤمر بإزالة الملك عنها فيه وجهان * (التفريع) ان قلنا لا يصح شراء الكافر العبد المسلم فلو اشترى قريبه الذي يعتق عليه كأبيه وابنه ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح أيضا لما فيه من ثبوت الملك للكافر على المسلم (وأصحهما) الصحة لان الملك المستعقب للعتق شاء المالك أو أبي ليس باذلال ألا ترى أن للمسلم شراء قريبه المسلم ولو كان ذلك إذلالا لما جاز له اذلال ابنه * والخلاف جار في كل شئ يستعقب العتق كما إذا قال الكافر لمسلم أعتق عبدك المسلم عنى بعوض أو بغير عوض فأجابه إليه وكما إذا أقر بحرية عبد مسلم في يد غيره ثم اشتراه * ورتب الامام الخلاف في هاتين الصورتين على الخلاف في شراء القريب وقال الأولى منهما أولى بالصحة لان الملك فيها ضمني والثانية أولى بالمنع لان العتق وان حكم به فهو ظاهر غير محقق بخلاف صورة القريب فان العتق لا يحصل عقب الشراء وإنما يزول الملك بإزالته ومنهم من جعله على وجهي شراء القريب * ويجوز أن يستأجر الكافر المسلم على عمل في الذمة لأنه كدين في ذمته وهو بسبيل من تحصيله بغيره * وإن كانت الإجارة على العين
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست