فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي - ج ٤ - الصفحة ٤٥٥
ثم في الفصل مسائل (إحداها) مسافة الإياب لا تحتسب في الحد المذكور حتى لو قصد موضعا على مرحلة على عزم أن يرجع ولا يقيم فيه فليس له القصر لا ذاهبا ولا جائيا وأن نالته مشقة السير مرحلتين على التوالي لأنه لا يسمي سفرا طويلا والغالب في الرخص الاتباع وما رويناه من خبر ابن عباس رضي الله عنهما ظاهر في أن المعتبر المسافة التي يقطعها من منشأ سفره إلى مقصده وحكي الحناطي وجها أنه إذا كان الذهاب والرجوع حد السفر الذي يقصر إليه الصلاة قصر فيجوز أن يعلم قوله لا يحتسب بالواو لذلك (الثانية) يشترط عزمه على قطع هذه المسافة في الابتداء فلو خرج لطلب غريم أو عبد آبق لينصرف مهما لقيه وهو لا يدرى موضعه لم يترخص وأن طال سيره كما ذكرناه في الهائم فإذا وجده وعزم على الرجوع إلى بلده وبينهما مسافة القصر يترخص إذا ارتحل عن ذلك الموضع ولو كان يعرف موضعه في ابتداء السير أو يعرف أنه لا يلقاه قبل مرحلتين فله الترخص ولو قصد مسافة القصر ثم نوى أنه أن وجد عبده أو غريمه ينصرف نظر أن نوى ذلك قبل مفارقة عمران البلد لم يترخص لأنه غير النية قبل انعقاد حكم السفر وان نواه بعد مفارقة العمران ففيه وجهان مذكوران في النهاية والتهذيب (أصحهما) أنه يترخص ما لم يجده فإذا وجده صار مقيما لان سبب الرخصة قد انعقد فيستمر حكمه إلى أن يوجد ما غير النية إليه وكذلك لو نوى الخروج إلى مسافة القصر ثم نوى الإقامة في بلد وسط الطريق أن كان من مخرجه إلى المقصد الثاني مسافة القصر يترخص وأن كان أقل فوجهان (أصحهما) أنه يترخص ما لم يدخله كما في مسألة الغريم وإذا سافر العبد بسير المولي والمرأة بسير الزوج والجندي بسفر الأمير وهم لا يعرفون مقصدهم فليس لهم القصر وأن نووا مسافة القصر فلا عبرة بنية العبد والمرأة وتعتبر نية الجندي فإنه ليس تحت يد الأمير وقهره وأن عرفوا مقصدهم ونووا فلهم القصر وقال أبو حنيفة العبد والمرأة يترخصان تبعا للسيد والزوج وأن لم يعرفا المقصد (الثالثة) لو كان له إلى مقصده طريقان يبلغ أحدهما مسافة القصر والثاني لا يبلغها فسلك الطريق الطويل نظر إن كان لغرض كخوف أو حزونة في القصير أو قصد زيارة أو عبادة في الطويل فله القصر ولو قصد التنزه فكذلك وعن الشيخ أبى محمد رحمه الله تعالى تردد في اعتباره وان قصد الترخص ولم يكن له غرض سواه ففي المسألة طريقان (أظهرهما) أن في الترخص قولين (أحدهما) انه يترخص وبه قال أبو حنيفة والمزني وهو نصه في الاملاء لأنه سفر مباح فأشبه سائر الاسفار (وأصحهما) انه لا يترخص لأنه طول الطريق على نفسه من غير غرض فصار كما لو سلك الطريق القصير وكان يذهب يمينا وشمالا وطول على نفسه حتى بلغت المرحلة مرحلتين فإنه لا يترخص (والطريق
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»
الفهرست