المانع الذي يلزم من وجوده العدم، فإنه لا معنى لجعل عدم القدرة مانعا إلا لجعل عدم القدرة الذي هو وجود القدرة شرطا كما لا يخفى.
وفيه أن الأمر العدمي لا يكون مانعا إذا كان يقابل الوجود تقابل السلب والايجاب، لكونه عدما محضا وغير ممتاز فضلا عن أن يكون مانعا، وأما العدم الخاص الذي يقابل الوجود تقابل العدم والملكة فله حظ من الوجود، فيمكن أن يعتبر مانعا، مثلا للشارع أن يعتبر العجز مانعا عن صلاة الجماعة، وأن يعتبر عدم الجهل الذي يقابل العلم تقابل العدم والملكة في صحة الجماعة، بأن يكون مانعا عن انعقادها، وهكذا وهكذا.
فما ذكره المصنف من عدم جعل الأمور العدمي مانعا فهو خلط بين العدم الخاص والعدم المطلق، فما نحن فيه من قبيل الأول، كما صرح به.
على أن المانع هنا غير ما جرى عليه الاصطلاح في علم المعقول، من أن المانع ما كان يلزم من وجوده العدم، فيجعلون الأمور الوجودية مانعا عن الشئ ومؤثرة في عدم تحققه.
وهذا بخلاف الأحكام الشرعية، فإن المانع فيها ما يعتبر الشئ مانعا عن الحكم الشرعي، سواء كان أمرا وجوديا أم أمرا عدميا، من غير أن يكون مؤثرا في عدم تحقق شئ أصلا.
وبالجملة ليس المانع هنا هو المانع المصطلح عليه في علم المعقول ولا الشرط والمقتضي وسائر ما اصطلحوا عليه من أجزاء العلة جاريا على مصطلحهم، لأن باب المعقول ليس باب التأثير والتأثر الحقيقي، بل التأثير في مجرد الاعتبار، فشابه ذلك لذلك فأطلق عليه ألفاظه، فمعنى