4 - الكلام فيما إذا دفع الانسان إلى غيره مالا ليصرفه في قبيل يكون المدفوع إليه منهم قوله (رحمه الله): مسألة: إذا دفع الانسان إلى غيره مالا ليصرفه في قبيل يكون المدفوع إليه منهم ولم يحصل للمدفوع إليه - الخ.
أقول: تارة يدفع المالك ماله لشخص ويكون المدفوع إليه مستقلا في التصرف فيه كيف ما يشاء، فلا يكون رأي الدافع حينئذ متبعا بوجه، وهذا كما إذا كان المدفوع إليه وكيلا للدافع بأن يدفع إليه مالا ليصرفه في محله، والمدفوع إليه مخير في ذلك كيف ما يشاء، ومن هذا القبيل دفع الوجوه الشرعية إلى المجتهدين ليصرفوها في مواردها.
وأخرى يدفع الدافع إلى المدفوع مالا ويعين موارده، فهل يجوز له الأخذ منه مع انطباق ما عينه الدافع عليه أم لا، كما إذا دفع إليه سهم الإمام (عليه السلام) أو الخمس أو الزكاة أو غيرها من الوجوه الشرعية، وقال:
أعطها للصنف الفلاني، وكان المدفوع إليه منهم، هذا بناء على كون ولاية تلك الوجوه تحت يد المالك، أو كان البايع هو الحاكم الشرعي، بناء على ثبوت الولاية له عليها، أو كان المدفوع من أموال الطلقة للدافع.
فهو على أقسام شتى:
الأولى: أن تقوم قرينة خارجية على عدم رضي الدافع بأخذ المدفوع منه، فإنه حينئذ لا يجوز له الأخذ منه، لأنه تصرف في مال غيره بدون إذنه فهو حرام، ونظيره أن يعين له مقدارا خاصا وقامت القرينة على عدم جواز أخذه أزيد من ذلك المقدار الخاص.
الثاني: أن يظهر الدافع قرينة حالية أو مقالية على جواز أخذ المدفوع إليه من المال المدفوع، وهذا وكذلك الشق الأول مما لا اشكال فيه.