ومن هنا ظهر الجواب عما ذكره المصنف، فإن الأدلة إنما تنصرف عن المنع عن بيع العين الموقوفة إذا سقطت عن الانتفاع بها، وما نحن فيه ليس كذلك بل هو من مصاديق عدم الجواز، لجواز الانتفاع بها على النحو الذي وقفها الواقف، نعم الاجماع على تقدير حجيته لا يشمل المقام.
وأما حفظ حق الواقف والموقوف عليهم فقد عرفت بطلانها وعدم كونها وجها لعدم جواز بيع الوقف، نعم بناء على حفظ حق البطون اللاحقة فلا بد من بيع العين الموقوف مع مظنة الخراب أو العلم به وتبديلها بعين أخرى لئلا يزول حقهم، كما أشار إليه المصنف في كلامه.
ولكن عرفت أنه لا دليل على ذلك، فإن البطن الموجود مالكون على الوقف بالفعل وجاز لهم الانتفاع بها فعلا، فلا دليل على وجوب رفع اليد عن ملكهم لحفظ الموضوع على ملك الأشخاص الأخر، وإلا لوجب حفظ مال الناس وإن توقف على صرف المال.
وقد تقدم هذا فيما سبق في فرع أنه إذا توقف حفظ الوقف للبطون اللاحقة على صرف مقدار من منافع الوقف عليه فهل يجوز اجبار البطن الموجود على ذلك أم لا، وقلنا لا وجه عليه فإنهم مالكون على نفعها، فلا ملزم لرفع اليد عن ملكهم لحفظ حق الغير بل ينتفعون بها ما دام موجودا، فإن يبقى للبطون اللاحقة فتنتفعوا بها وإلا فلا، وهذا واضح لا خفاء فيه.
والحاصل أن المصنف قال بعدم شمول الأخبار الدالة على المنع عن بيع الوقف على هذه الصور الأربع وانصرافها عنها، وقال شيخنا الأستاذ بأن احتمال الخراب كالخراب الفعلي موضوع للحكم بجواز بيع الوقف.
وفيه أن الحكم الفعلي تابع لموضوعه الفعلي وأنه لا وجه لانصراف