أن الوقف هي ذات هذه العناوين المعنونة بها، وإنما تلك العناوين معرفات إليها ومقومات لماليتها.
وليس لنفس تلك العناوين بحسب نفسها مالية تكون وقفا منفكة عن المادة، بحيث تدور الوقفية مدار نفس العنوان، فإذا زالت زالت الوقف، وإذا ذهب عنوان البستان وعنوان الدار وعنوان النخلة كانت عرصة البستان وعرصة الدار والنخلة المقلوعة غير وقف بل باقيا في ملك الواقف، بل العنوان في المركبات الاعتبارية لا ينتزع إلا من أمور متعددة، فينحل إلى أمور عديدة كعنوان الدار، فإن الدار ليست إلا مركبة من العرصة والقبب والجدران وهكذا البستان.
فمعنى وقف الدار ليس إلا وقف الأرض وتلك القبب، ومعنى وقف البستان ليس إلا وقف الأشجار والعرصة، فلا يعقل لوقف العنوان فقط معنى محصل.
وبالجملة لا نعقل معنى محصلا لوقف العنوان المجرد، بل وقف العنوان عين وقف ذي العنوان، فكما أن في المركبات الحقيقة لا تنفك الصورة النوعية عن المادة لكونها متحدة في الخارج حقيقة، وكذلك في المركبات الاعتبارية كالدار والبستان، فإن العنوان في ذلك كله أيضا ليس موضوعا للحكم بمعنى كونه وقفا خاليا عن المواد.
وبعبارة أخرى إذا وقف الواقف نخلة لأشخاص فنسأل أنه هل بقي في ملك الواقف منها شئ أم لا، فإن بقي ذات النخلة في ملك الواقف لتكون له بعد قلعها فلا معنى لكون النخلة للموقوف عليهم كما هو المفروض، وإن لم يبق في ملك الواقف شئ فبعد زوال عنوان النخلية وصيرورتها خشبة فلما ذا صار ملكا للواقف.