هو المناسب للرجوع إلى الرواة، فإنهم لا يدرون إلا حكم الواقعة، وأما اعتبار إذنهم في التصرف فلا.
ومنها: التعليل بكونهم حجتي عليكم وأنا حجة الله، فإنه إنما يناسب الأمور التي يكون المرجع فيها هو الرأي والنظر، فكان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه، لا أنه واجب من قبل الله سبحانه على الفقيه بعد غيبة الإمام (عليه السلام)، وإلا كان المناسب أن يقول: إنهم حجج الله عليكم، كما وصفهم في مقام آخر بأنهم: أمناء الله على الحلال والحرام.
وبالجملة لو كان المراد من ذلك هو ما يكون راجعا إلى الحكم لقال (عليه السلام): إنهم حجج الله، لكون الحكم له، ولكن لم يكني كذلك، بل الأنسب في جهة ترجع إلى نفس الإمام فهي الولاية.
وفيه ما عرفت سابقا، من أن الحجية تناسب تبليغ الأحكام الشرعية، كما في قوله تعالى: فلله الحجة البالغة (1)، وأما الولاية فلا ملازمه بينها و بين الحجية، وعدم نسبة حجيتهم إلى الله من جهة أن الأئمة (عليهم السلام) واسطه في ذلك، لعدم وصول الحكم من الله إلى العباد بلا واسطة، وأن ما يفعلون إنما يفعلونه بحكم الله تعالى، فيكون ما يكون حجة من قبلهم حجة من قبل الله، فلا يكون في هذه أيضا قرينية على المدعي.
ومنها: أن وجوب الرجوع في المسائل الشرعية إلى العلماء - الذي هو من بديهيات الاسلام من السلف إلى الخلف - مما لم يكن يخفى على أحد فضلا على مثل إسحاق بن يعقوب حتى يكتبه في عداد مسائل أشكلت عليه، بخلاف وجوب الرجوع في المصالح العامة إلى رأي أحد ونظره، فإنه يحتمل أن يكون الإمام قد وكله في غيبته إلى شخص أو أشخاص من ثقاته في ذلك الزمان، والحاصل أن لفظ الحوادث ليس