والسر في ذلك أن الإجازة ليست بيعا ليكون التسليط الواقع من المالك أعني المشتري تسليطا مجانيا لوقوعه على غير عنوان البيع وخارجا عنه بل إنما هي من الأحكام الشرعية الثابتة على الملاك، كجواز البيع وجواز الأكل وجواز الشرب وغير ذلك.
إذن فيكون البيع حاصلا من زمان العقد على النقل أيضا، وإن كانت الملكية والاستناد إلى المالك وشمول العمومات من زمان الإجازة، فحينئذ لا يكون التسليط الحاصل من زمان العقد إلا بعنوان البيع وموقوفا على الإجازة، فإن لم تحصل فيكون مالا للغاصب.
وبعبارة أوضح أن منشأ الاشكال أن البيع الفضولي الصادر من الغاصب حيث كان باطلا لعلم المشتري بكونه غير مالك وأن ما يقع عليه العقد مال مغصوب فيكون تسليط الغاصب على ماله في ذلك الفرض وبهذا العلم تسليطا مجانيا، فلا يبقى موضوع للإجازة لتصحيح البيع الصادر من الغاصب، إما مطلقا لو قلنا لكونه مالكا لما أخذه من المشتري ابتداء، أو بعد التلف بالنقل إلى الغير في بيع أو هبة أو نحوهما، وإذا منعنا ذلك المنشأ وقلنا إن التسليط ليس على فرض بطلان البيع بل مع فرض صحته التأهلية، ولو بكون التسليط على هذا الفرض مراعا على الإجازة، فلا وجه حينئذ لتوهم البطلان كما لا يخفى.
4 - وهنا اشكال رابع قد أشار إليه في الإيضاح وحاصله: أن المشتري وإن سلط الغاصب على ماله إلا أنه متعلق حق الغير من جهة أن للمالك المغصوب منه أن يجيز العقد الصادر من الغاصب فضولة، فيكون مال المشتري ملكا له في مقابل ماله بإجازته، لكونه أسبق من الغاصب وأولى منه، فإن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال وأخس الأطوار.
وفيه أنه لا منشأ لأخذ الغاصب بأشق الأحوال وأخسها، بل هو كغيره