فمقتضى القاعدة هو الجواز مطلقا، للعمومات الدالة على صحة العقود والمعاملات.
ولكن أشكل عليه بوجوه:
1 - إن علم الحر في حد ذاته ليس بمال، وإنما يقابل بالمال لاحترام عمل المسلم، ومع الوجوب يسقط عن الاحترام.
ولكنك قد عرفت في أول الكتاب أن أعمال كل شخص مملوكة له ملكية ذاتية تكوينية، وله واجدية له فوق مرتبة الواجدية الاعتبارية ودون مرتبة الواجدية الحقيقية لمكون الموجودات، وعليه فدعوى أن عمل الحر ليس بملك دعوى جزافية، ولا شبهة أن هذه الأعمال المضافة إلى الحر موضع لرغبات العقلاء ومنافساتهم، فتكون أموالا في نفسها، وتجوز مقابلتها بالمال.
ومع الاغضاء عن ذلك، فإنها تكون أموالا بمجرد وقوع المعاملة عليها، وشأنها حينئذ شأن الكلي، إذ الكلي قبل إضافته إلى شخص خاص لا يتصف بالمملوكية والمالية كلتيهما، وإذا أضيف إليه ولو حين قوله: بعتك منا من الحنطة مثلا اتصف الكلي بالمالية والملكية، ومن هنا يجوز بيع الكلي في الذمة ويحكم بضمان عمل الحر إذا فوته أحد بعد أن ملكه الغير بالإجارة وغيرها.
2 - ما ذكره المصنف، من أن عمل الحر وإن كان مالا ولكن الانسان إذا تكلف بذلك العمل من قبل الشارع فقد زال احترامه، لأن عامله مقهور على ايجاده، فيكون أخذ الأجرة عليه أكلا للمال بالباطل.
وفيه أولا: أن آية النهي عن أكل المال بالباطل غريبة عن شرائط العوضين، وقد تقدم بيان ذلك مرارا عديدة.
وثانيا: أن المقهورية على الفعل من قبل الشارع وكونه واجبا بأمره