1 - إن العبادات لا بد وأن تؤتى بقصد القربة، وأخذ الأجرة عليها ينافي القربة والاخلاص، والوجه فيه أن عقد الإجارة يوجب انقلاب داعي الاخلاص في العمل المستأجر عليه إلى داعي أخذ الأجرة، ومن الواضح أن قيد الاخلاص مأخوذ في العمل المستأجر عليه، فيلزم من صحة الإجارة فسادها.
وفيه: أن هذا الوجه لا يرجع عند التحقيق إلى محصل، وتوضيح ذلك أنه يدعى تارة أن العمل الخارجي إنما يؤتى به بداعي تملك الأجرة وهو ينافي قصد الاخلاص، وأخرى يدعى أنه يؤتى به بداعي تسلم الأجرة خارجا، وثالثة يدعى أنه يؤتى به بداعي استحقاق مطالبتها.
أما الدعوى الأولى فهي واضحة البطلان، ضرورة أن تملك الأجرة إنما يكون بنفس الايجار لا بالعمل الخارجي، فالعمل أجنبي عنه بالمرة.
وأما الدعوى الثانية فهي أيضا كذلك، ضرورة أنه يتمكن الأجير من التسلم بغير العمل في بعض الموارد، وبالعمل الخالي من قصد القربة في جميعها، فلا يكون الداعي إلى العمل بما هو عبادي غير قصد القربة، ولو من جهة خوفه من العذاب، لأجل عدم تسليمه العمل إلى مالكه.
وأما الدعوى الثالثة فهي وإن كانت صحيحة في بعض الموارد، وهو ما إذا أمتنع المستأجر من التسليم قبل العمل، إلا إن الاتيان به لأجل ذلك، أي لأجل أن يستحق المطالبة شرعا، لا ينفك عن قصد القربة في العمل، وذلك من جهة تمكن المكلف من الاتيان به بغير قصد القربة والزامه المستأجر تسليم الأجرة، فاتيانه بالعمل لأجل الاستحقاق شرعا لا ينفك عن قصد القربة.
وعلى الجملة بعد ما كان الأجير متمكنا من المطالبة وتسليم الأجرة بغير العمل الصحيح فلا يكون داعيه إلى الاتيان بالعمل الصحيح غير