قصد القربة، ولعله إلى ذلك نظر من أجاب عن الاشكال المزبور بأن دعوة أخذ الأجرة في طول دعوة الأمر لغو من باب الداعي إلى الداعي.
2 - إنه يعتبر في دواعي امتثال العبادات كونها جهات قريبة، بحيث تنتهي سلسلة العلل والدواعي فيها بجميع حلقاتها إلى الله تعالى، ومتى كان فيها داعي غير قربي خرج العمل عن العبادية وعن تمحضه لله، وإن لم يكن الداعي غير القربى في عرض الداعي الإلهي.
وفيه: إنا قد حققنا في مبحث النية من كتاب الصلاة أنه يشذ في العباد من يأتي بالعبادة بجميع مقدماتها ومقارناتها ومؤخراتها ودواعيها خالصة لوجه الله الكريم، وطلبا لرضاه، وكونه أهلا للعبادة والإطاعة، بل يقصد غالب الناس في عباداتهم الجهات الراجعة إليهم من المنافع الدنيوية والأخروية.
ولا تنافي هذه الدواعي الراجعة إليهم عبادية العبادة، إلا إذا دل دليل على ابطال بعضها للعبادة كما في الرياء، فقد ورد في الأخبار المتظافرة (1) أن الرياء لا يدخل عملا إلا وأفسده.
و توضيح الجواب اجمالا: أن الغاية القصوى من العبادة قد تكون هي الله فقط، من دون أن يشوبها غرض آخر من الأغراض الدنيوية أو الجهات الأخروية، وضروري أن هذا النمط من الامتثال منحصر في الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) والأنبياء المرسلين (عليهم السلام)، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك، لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (2).