واستئجار القاري لقراءة القرآن، وقد يجري في المكروهات أيضا، كاستئجار فحل الضراب للطروقة.
وهذه الأمثلة مبنية على تعلق غرض الشارع بمجانية الأمور المذكورة وحرمة أخذ الأجرة عليها أو كراهته.
ثم إن بعضهم ذكر أن من شرائط الإجارة أن تكون منفعة العين المستأجرة عائدة إلى المستأجر، ورتب عليه بطلان إجارة المكلف لامتثال فرائضه من الصلاة والصوم والحج وغيرها، وبطلان الإجارة للاتيان بالمستحبات لنفسه، كالنوافل اليومية والليلية، وغير ذلك من الموارد التي يكون النفع فيها راجعا إلى الأجير أو إلى شخص آخر غير المستأجر.
والوجه في ذلك، أن حقيقة الإجارة هي تبديل منفعة معلومة بعوض معلوم، فلا بد من وصول المنفعة إلى المستأجر، لأنه الدافع للعوض المعلوم وإلا انتفت حقيقة الإجارة، إذ يعتبر في التبديل أن يقوم كل من العوض والمعوض مكان الآخر، بحيث يدخل كل منهما في المكان الذي خرج منه الآخر، وسيأتي اعتبار ذلك أيضا في حقيقة البيع.
وفي البلغة: أن الإجارة بدون هذا الشرط سفهية وأكل للمال بالباطل، ولذا لا تصح الإجارة على الأفعال العبثية وابداء الحركات اللاغية، كالذهاب إلى الأمكنة الموحشة ورفع الأحجار الثقيلة - انتهى ملخص كلامه.
والتحقيق أن يقال: إن حقيقة الإجارة لا تقتضي إلا دخول العمل في ملك المستأجر قضاء لقانون المبادلة، وأما كون المنفعة راجعة إليه فلا موجب له.