ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ٢ - الصفحة ٣٣
وقال راثيا العلامة السيد ميرزا صالح القزويني ومعزيا أخويه العلامة السيد محمد والعلامة السيد حسين: - ومجدك ما خلت (596) الردى منك يقرب * لأنك في صدر الردى منه أهيب (597) أصابك، لا من حيث تخشى سهامه * عليك، ولا من حيث يقوى فيشغب (598) ولكن رمى من غرة ما أصابها * بمثلك رام منه يرمي فيعطب وما خلت منك الداء يبلغ ما أرى * لأنك للدهر الدواء المجرب ولا في فراش السقم قدرت أنني * أرى منك طودا بالأكف يقلب أمنت عليك النائبات، وانها * لعن كل من آمنته تتنكب وقلت شغلن الدهر في كل لحظة * مواهب كفيك التي ليس توهب ولم أدر أن الخطب يجمع وثبة * وان عشار الموت بالثكل مقرب (599) إلى حين أردتني بفقدك ليلة * تولد منها يوم حزن عصبصب (600) فقام بك الناعي وقال وللأسى * بكل حشا يدميه ظفر ومخلب هلم بني الدنيا جميعا إلى التي * تزلزل منها اليوم شرق ومغرب شكاة، ولكن في حشا المجد داؤها * وندب ولكن (هاشم) فيه تندب صه أيها الناعي فنعيك يعطب * عضضت الصفا لابل حشا فاك إثلب (601) لسانك يا جفت لهاتك فنعيك أو غدت * بريق الأفاعي لا بريقك ترطب رويدك رفة عن حشاشة أنفس * هفت جزعا (602) عما تعمى وتعرب فدع (صالحا) لي وانع من شئت إنها * ستذهب أحشاء الهدى حين يذهب فليتك لي في نعيك الناس كلها * صدقت وفي فرد (هو الناس) تكذب وداع دعا والرشد يقبر والهدى * يسوف ثرى واراه والوحي ينحب ألا تلكم الأملاك شعثا تزاحموا * على من؟ فهل منهم توارى مقرب؟
أمستعظم الأملاك لا بل هو الذي * إلى الله فيه كلهم يتقرب لقد رفعوا منه مناكب لم يكن (603) * لينهض، لولا الله، فيهن منكب مناكب من جسم (النبوة) حملت * (إمامة) حق فضلها ليس يحسب لقد دفنوا في دفنها العلم ميتا * وحسبك نار (604) في الجوانح تلهب ويا رافدي اليوم قوما على ثرى * توارى به ذاك الأغر المهذب قفا عزيا (المهدي) بابن هو الأب * لذي (605) الدين، فالدين اليتيم المترب سلا كشب ذاك القبر يندي صعيده * بري بنى الآمال هل راح ينضب؟
وهل روضت خصبا بكف عهدتها * تنوب مناب الغيث والعام مجدب؟
وهل زال من ذاك المحيا وضاؤه * فقد راح وجه الدهر للحشر (606) يشحب؟
ضعي هاشم سرج العلى) وترجلي * فما لك في ظهر من العز مركب ودونك تقليب الأكف تعللا * فقد فات (607) منك المشرفي المذرب ويا ناهبي دمعي اعذراني على البكا * فما الناس إلا عاذل ومؤنب (608) قفا واندبا أو خلياني ووقفة * يدك الرواسي شجوها حين أندب أجامع شمل الدين شعب صدعه * ليومك صدع في الهدى ليس يشعب وأعجب شئ أن نعشك في السما * ومنك توارى في ثرى الأرض كوكب رمتك بها أيدي المقادير علة * عييت بها ما طبها متطبب رجونا وقد أكدى (الرجاء المخيب) * نهنيك منها بالشفاء ونطرب (609) ونجلس زهوا مستعدين للهنا * بناد به الأمثال في الفخر تضرب (610) بحيث قلوب الناس، هذا منعم * سرورا بإنشادي، وهذا معذب بل قد جلسنا مجلسا ودت السما * أسرتها (611) من شهبها فيه تنصب كأنا تأهبنا لاوبة مقبل * وكان ليأس منك هذا التأهب وهل أمل في عود من ذهبت به * بقاطعة الآمال عنقاه مغرب؟ (612) وأقتل ما لاقيته فيك أنني * حضرت ومنك الشخص ناء مغيب وعندي مما أسأر (613) البين لوعة * تجد بأحناء الضلوع وتلعب أقلب طرفي لا أرى لك طلعة * يضيء بها هذا الندي المطيب وأنصب سمعي لامتداحك لا أعي * به خاطبا بين السماطين (614) يخطب ومما شجاني أن بدا المجد ماثلا * يصعد مثلي طرفه ويصوب (615) وقال: وأرخاها جفونا كليلة * برغمي خلا منك الرواق المحجب رزيت أخا إن أحدث الدهر جفوة * عتبت بها (616) فارتد لي وهو معتب وددت بأن تبقى، وأن لك الردى * فداءا بمن فوق البسيطة يذهب حجبت عن الدنيا، ولو تملك المنى * إذن لتمنت في ضريحك تحجب فلا نفضت عن رأسها ترب مأتم * وخدك من تحت الصعيد مترب ثكلتك بسام المحيا طليقه * فبعدك وجه الدهر جهم مقطب أوجهك حيا أم بنانك أرطب؟ * وذكرك ميتا أم حنوطك أطيب؟
وما نزعوه عنك أم ما لبسته * لدار البلى أنقى جيوبا وأقشب؟
سأبكيك دهرا بالقوافي ولم أقل * من اليأس وجدا ما يقول المؤنب لسان القوافي باسم من بعد تخطب * فلا سمع بعد اليوم للمدح يطرب؟
مضى من له كن القرائح برهة * إذا استولدتها قالة الشعر تنجب أجل فلها في المجد خير بقية * لها الفضل يعزي والمكارم تنسب لئن عزبت تلك الخواطر نبوة * فلا عن ثناهم، والخواطر تعزب (617) وإن رغبت عن نظمها الشعر في الورى * فليس لها عن أهل ذا البيت مرغب مضى من له كانت تهذب مدحها * وأبقى الذي في مدحه تتهذب لئن أغرب المطري بذكر (محمد) (618) * فما انفك في كسب المحامد يغرب فتى تقف الأكفاء دون سماطه * وقوف بني الآمال ترجو وترهب أقل علاه أن أذيال فخره * لهن على هام المجرة مسحب زعيم قريش، والزعامة فيهم * من الله في الدنيا وفي الدين منصب حمولا (619) لاعباء الرياسة ناهضا * بأثقالها في الحق يرضى ويغضب يقلب في النادي أنامل سؤدد * مقبلها زهوا يتيه ويعجب إذا احتلبت يوما أرت أضرع الحيا * على بعد عهد بالحيا كيف تحلب أخف (620) من الأرواح طبعا وإنه * لذو همة من ثقلها الدهر متعب له شيم، لو كان للدهر بعضها * لاضحى إلينا الدهر وهو محبب وخلق، فلو لا إن في الخمر سورة (621) * لقلت الحميا منه في الكأس تسكب لنعم زعيم القوم إن يثر لم يكن * ليلبس إلا ما الندى منه يسلب لنعم شريك السحب يبسط مثلها * بنانا (622) به روض المكارم معشب تهذب أخلاق السحاب، وإنها * متى يجن هذا الدهر نعم المؤدب ترى وفده منه تطيف بمورق * على جود كفيه الرجاء المشذب فقد عرست حيث الندى، لا سحابه * جهام ولا برق المكارم خلب (أبا القاسم) إسمع لا وعى لك مسمع * سوى مدح ليست لغيرك تخطب تجلببت ثوب الدهر، فابق ومثله * بودي إذا أخلقته تتجلبب لئن ضاق رحب الأرض في عظم رزئكم * فصدرك منه أي وعلياك أرحب وحلمك أرسى من هضاب (يلملم) * وعودك من ناب العواجم أصلب وما حل رز عزم (623) من شد أزره * أخ (كحسين) والأخ الضرب يطلب فتى الحزم أما في النهى فهو واحد * ولكنه في موكب الحزم (624) موكب إذا القوم جدوا في احتيال فحول * وإن قلبوا ظهر المجن فقلب (625) وإن غالب الخطب الورى فقريعه * أخو نجدة ما بين برديه أغلب (626) فلو شحذت (فهر) بحد لسانه * صوارمها ماكل منهن مضرب ولو تنتضي منه اللسان لصممت * بأقطع من أسيافها حين تضرب يصافي بأخلاق يروقك أنها * هي الراح إلا أنها ليس تقطب تواضع حتى صار يمشي على الثرى * وبيت علاه في السماء مطنب قرى ضيفه قبل القرى بشر وجهه * وقبل نزول النزل (627) أهل ومرحب إذا احتلب السحب النسيم فكفه * على الوفد طبعا جودها يتحلب ألا مبلغ عني الغداة رسالة * للحد أبى (الهادي) يقول فيطنب (أبا حسن) إن تمس دارك والسما * سمائين في أفقيهما الشهب تثقب فتلك السما سعد ونحس نجومها * على أنها بعض عن البعض أجنب وهذي السما للسعد كل نجومها * ويخلف فيها كوكبا منه كوكب فلو عاد للدنيا بشخصك عائد * لأبصرت فيها ما يسر ويعجب فمن وجهك (الهادي) تروق بمنظر * لها (حسن) والحمد بالحسن يكسب (628) و (أحمد) فيها من بهائك لامعا * لوفدك فيه عازب الانس يجلب (629) بكل ابن مجد ما نضا بردة الصبا * على أنه فيها لأضيافه أب أخو الحزم إما قسته في لداته * فطفل، وإن مارسته فهو أشيب بنوك بنو العلياء أنجبت فيهم * لك الله هل تدري بمن أنت منجب؟
غطارفة لا تعقب الشمس مثلهم * ولو أنها في أفقها منك تعقب ذوو غرر يجلو الغياهب ضوؤها * وغيرهم في عين رائيه غيهب أأهل النفوس الغالبيات مولدا * لأنتم على كسب المكارم أغلب رقاق حواشي الطبع، طبتم شمائلا * بها أرج من نفحة المسك أطيب لكم خلقا مجد، فذلك للعدى * يمر، وهذا للمحبين يعذب طبعتم سيوفا لم يلق لنجادها * سوى منكب المجد المؤثل منكب وطنبتم أبيات فخر أبي العلى * لكم عوضا عنها النجوم تطنب فما تلك إلا زينة لسمائها * وهذي بفرق المجد للوحي تضرب فدونكموها ثاكلا قد تسلبت * ووشئ بهاء زانها ليس يسلب أتت لكم عذراء في ريق الصبا * بعصر سواها فيه شمطاء ثيب فداكم من الارزاء حاسد مجدكم * وإلا ففيكم عاش وهو معذب طلعتم طلوع الشمس في مشرق العلى * فلا تغربوا ما الشمس تبدو وتغرب

٥٩٦ في الديوان المطبوع: خفت.
٥٩٧ حدثني الشيخ قاسم الملا الحلي ان هذه القصيدة مطلعها:
رواق العلى أبن المليك المحجب * لمن بعده تلك الأسرة تنصب غير أن الشاعر أعرض عنه بالنظر إلى أن المعزى أخوه العلامة السيد محمد القزويني وهو علم جهبذ ولأنه خاف من أن يكون ذلك كتعريض به.
٥٩٨ يشغب: يهيج (للشر). وفي نسخة: يشعب.
٥٩٩ العشار المقرب: الإبل الحوامل قريبة الوضع.
٦٠٠ العصبصب: اليوم الشديد الحر أو الشديد مطلقا.
٦٠١ اثلب: فتات الحجارة والتراب جمع أثالب.
٦٠٢ في المطبوع: فزعا مما.
٦٠٣ في المطبوع: تكن.
٦٠٤ وفيه أيضا: وحسبك نارا.
٦٠٥ وفيه أيضا: لذا.
٦٠٦ وفيه أيضا: للبعث يسحب.
٦٠٧ في مخطوطة الملا: مات.
٦٠٨ في المطبوع: عاذل أو مؤنب.
٦٠٩ في المطبوع: فتطرب.
٦١٠ وفيه: بالفخر تضرب.
٦١١ وفيه أيضا: أسرته.
٦١٢ العنقاء: اسم طائر مجهول المسمى، ومغرب صفة لها: أي أغربت ونأت في البلاد.
٦١٣ يقال اسأر الحاسب في حسابه أي لم يستقصي، وأسأر: أبقى.
٦١٤ السماطين: الصفين.
٦١٥ التصويب: ضد التصعيد.
٦١٦ في المطبوع: عتبت به.
٦١٧ تعزب: تذهب.
٦١٨ يقصد السيد محمد بن السيد مهدي القزويني الكبير، ترجمت له في كتابي (شعراء الحلة) ج ٥ ص ٢٣٨ - ٢٧٩.
٦١٩ وفي المطبوع: حمول لأعباء الرسالة ناهض.
620 في الديوان المطبوع: على.
621 السورة: الحدة، أي حدة الخمر.
622 وفي الديوان المطبوع: بيانا.
623 وفي مخطوطة الملا: حزم.
624 وفي المطبوع: الفخر.
625 الحول للقلب: كثير التصرف في الأمور، وقلب له ظهر المجن: إذا تحول عن الصداقة للعداوة.
626 القريع: الذي يغلب في المقارعة، أخو النجدة: البطل الشهم.
627 في الديوان المطبوع: النزل النزل.
628 الهادي والحسن، علمان ملء السمع والبصر، وهما ولدا المرثي السيد صالح.
629 أحمد: هو ثالث أنجال المرثي. كان شاعرا فاضلا، ولد في الحلة عام 1287 ه‍ وتوفي في النجف عام 1324 ه‍ ترجمت له في شعراء الحلة ج 1 ص 72 ط 1 و 104 ط 2.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»