ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ٢ - الصفحة ٣٠
المراثي قال - رحمه الله - يرثي الحاج مهدي كبه (549) ويعزي أباه الحاج محمد صالح:
غمضت بغتة جفون الفناء * فوق إنسان مقلة العلياء وله نقبت بغاشية الحزن * محيا الدنيا يد النكباء (550) حملت وقر عبئها كاهل الدهر * فأمسى يرغو (551) من الاعياء نكبة لم تدع جليدا على الوجد * (552) ولا صابرا على اللاواء ليت أم الخطوب تعقم ماذا * أنتجت بغتة من الارزاء؟!
ولدت حين عنست (553) هرما ما * لم تلد مثله بوقت الصباء فأصابت يداه في حرم المجد * فؤاد العليا (554) بسهم القضاء فقضت نحبها، وغير عجيب * قد أصيبت بأرأس الأعضاء يا صريع الحمام صلى عليك * الله من نازل بربع الفناء وسقى منه تربة ضمنت جسمك * غيث الغفران والنعماء فحقير نوء الجفون وما قدر * جفون السحاب والأنواء أين عيس المنون فيك (555) استقلت * بالحصيف المضفر (556) الآراء ذهبت في معرس السفر جودا * وروى حوم الأماني الظماء نعم رب الندى حلما إذا النكباء * طارت بحوبة الحلماء نعم رب الحجى إذا أكل الطيش * حجى الحازمين في اللاواء نعم رب الندى إذا كسع (557) الشول * بأغبارها عيال الشتاء نعم رب القرى إذا هبت الريح * شمالا في الشتوة الغبراء نعم رب الجفان ليلة يمسى * بضياهن مقمر الظلماء يا عفاء الأنام شرقا وغربا * دونكم فاحتبوا بثوب العفاء واقصروا أعين الرجاء قنوطا * من إليه تمتد في البأساء؟؟
وانحبوا عن حريق وجد لمن كان * عليكم أحنى من الاباء (يستقل الحبا لكم إن وفدتم * ولو المشرقان بعض الحباء) (558) لو بكته عيونكم وأفضن الا * بحر السبع والحيا في البكاء لم تفوه معشار ما قد أفاضت * لكم راح كفه البيضاء رحلوا العيس قاصدين ضريحا * فيه ما فيه من على وسخاء واعقروا عنده وجل عن العقر * قلوبا مطلولة السوداء جدث ماء عيشكم غاض فيه * فانضحوا فوقه دم الأحشاء حل فيه من قد كفى (آدما) في * غيث جدواه عيلة الأبناء (ليت شعري أنى دنا الموت منه * وهو في ربع عزة قعساء) (559) (هل أتاه مسترفدا حين أعطى * ما حوته يداه للفقراء) (560) ودت المكرمات أن تفتديه * ببنيها الأماجد الكرماء هم مكان الجفون منها ولكن * هو في (561) عينها مكان الضياء وهم في الحياة موتى ولكن * هو ميت يعد في الاحياء فحبا نفسه الردى إذ (562) أتاه * مستميحا يمشي على استحياء بعد ما عاشت العفاة زمانا * من نداه في أسبغ النعماء علمت فقرها ولم تعلم * إليه الردى من الفقراء يا عقيدي على الجوى كبر (563) الخطب * فأهون بالدمعة البيضاء أجر من ذوب قلبك الدمعة الحمراء * حزنا في الوجنة الصفراء عود صبري من اللحا قد تعرى * فانبذ الصبر لوعة في العراء (564) إن تسلني عن ظلمة الكون لما * حلن أنوار أرضه والسماء فهو أثواب ليل حزن دجاه * طبق الخافقين بالظلماء قد خفقن النجوم منه بجنح * سام أنوارهن بالاطفاء ولبدر الغبراء حال أخوه * بدر أهل الغبراء والخضراء وإلى الشمس قد نعوه فماتت * جزعا من سماع صوت النعاء وله غص بالمصاب ولما * يتنفس حتى قضى ابن ذكاء وقف المجد ناشدا يوم أودي * شاحب الوجه كاسف الأضواء هل ترى (صالحا) على الأرض لما * غاب فيها (المهدي) بدر العلاء قلت خفض عليك من عظم الامر * ونهنه من لوعة البرحاء ليس إلا (محمد صالح) يوجد * في الأرض من بني حواء في التقى (565) والصلاح والزهد والخشية * والنسك بل وحسن الرجاء هي في العالمين أجزاء لكن * هو كل لهذه الاجزاء وبيوم المعاد لو لقي الخلق * بأعماله إله السماء كان حقا أن يعدم النار إذ ليس * نصيب للنار في الأتقياء ليس ينفك للجميل قريبا * وبعيدا عن خطة الفحشاء ومهابا له على أعين الدهر * قضى الكبرياء بالاغضاء وبليغا قد انتظمن معانيه * (566) بسلك الاعجاز للبلغاء وفصيحا بنطقه يخرس (567) الدهر * فما قدر سائر الفصحاء فارس المشكلات إن ندبوه * لبيان المقالة العوصاء فهو من غر (568) لفظه يطعن الثغرة * منه بالحجة البيضاء واحد الفضل ماله فيه ثان * غير (عبد الكريم) غيث العطاء بعقود الثناء فخرا تحلى * وتحلت به عقود الثناء الذكي الذي إذا قست أهل * الفضل (569) فيه كانوا من الأغنياء والمصلى للمجد خلف (570) أخيه * في سباق الأشباه والنظراء ضربا في العلى بعرق كريم * واحد دون سائر الأكفاء ينتمي كل واحد منهما عند * انتساب الأبناء للآباء للكرام الأكف تحسب فيهن * يذوب الغمام يوم السخاء (571) معشر المجد، شيعة الشرف الباذخ، * بيض الوجوه خضر الفناء قد حباهم (محمد) بجميل * الذكر إذ كان (صالح) الأبناء (572) يقظ القلب في حياطة دين الله * حتى في حالة الاغفاء ذو يمين بيضاء لم تتغير * بأثام (البيضاء) و (الصفراء) يا عليما يصيب شاكلة الغيب * بتسديد (573) أسهم الآراء وكظيما للحزن يطوي حشاه * جلدا فوق زفرة خرساء لك ذلت عرامة (574) الدهر حتى * لك أمسى يعد في الوصفاء (575) ملكت رقة يمينك فالعالم * من رقه من العتقاء ولئن قد أساء فالعبد للمولى * مسي جهلا بغير اهتداء أنت أطلقت أسر أعوامه الغبر * من الجدب بالندى والسخاء فجنى ما جنى، وغير عجيب * إنما السوء عادة الطلقاء ولئن كان مسخطا لك بالأمس * بهذي المصيبة الصماء فلك اليوم في (محمد) الندب * (الرضا) عنه فهو أعلى الرضاء ذو محيا كالبدر يقطر منه * مثل طل (576) الانداء ماء الحياء وعلا هي السماء، مساعيه * نجوم لالاؤها بالضياء ومزايا لم أرض نظمى فيها * ولو انى نظمت شهب السماء أو فم الدهر كنت فيه لسانا * ناطقا ما بلغت بعض الثناء دون احصائها الكلام تناهى * فغدت مستحيلة الاحصاء تيمت (577) قلبه حسان المعالي * بهواهن، لا حسان الظباء وعلى الخلق خلقه فاض بالبشر * فأزرى بالروضة الغناء خلق شف، فالهواء كثيف * عنده إن قرنته بالهواء أرضعته العلا ثديا وثديا * رضع (المصطفى) ابن أم العلا فهما في الزمان يقتسمان * الفخر دون الورى بخط سواء ألفت نفسه السماح فتيا * بوركا من فتوة وفتاء وحوى الفضل يافع السن لما * فات شوط المشايخ العظماء يا رحاب الصدور في كل خطب * وثقال الحلوم عند البلاء لن تضلوا السبيل والبدر (هاد) * لكم في دجنة الغماء (578) وأخوه (محمد) حلمكم فيه * حسين رأس لدى النكباء (579) ولكم أوجه بكل مهم (580) * ليس منها يحول حسن الثناء ونفوس إذا التقت بالرزايا * غير مضعوفة القوى باللقاء وكملس الصفا قلوب لدى الخطب * بها رن (581) مقطع الارزاء إن أسمكم حسن الأسى ولاضعاف * أساكم تضمنت أحشائي فلكم بعضكم ببعض عزاء * ولنا فيكم جميل العزاء.

549 أكبر أولاد أبيه، وممن ذكره الشاعر في العقد المفصل فقال: كان مذ ترعرع فريد زمانه، في كرمه واحسانه، وواحد عصره، في شرف نفسه وفخره، قد برع في البلاغة والفصاحة، واشتهر من كرم أخلاقه بالسجاحة والسماحة، جامعا بين نباهة الفكر، وجلالة القدر، ولد عام 1219 ه‍. وتوفي في إيران عام 1271 ه‍ وحمل جثمانه إلى النجف، وقد أثبتنا تأريخ وفاته في باب التاريخيات.
550 في الديوان المطبوع الغماء.
551 وفيه: يزغو.
552 وفي العقد المفصل: على الخطب.
553 وفي المطبوع: غلت.
554 وفي نسخة: العلى.
555 وفي نسخة: منك.
556 كذا في الأصل، ولعله يريد المحكم الرأي من ضفر بمعنى شد واحكم.
557 كسع الناقة بنيرها، ترك في ضرعها بقية من اللبن، والشول: جمع شائله وهي من الإبل التي خف لبنها بعد مرور مده على حملها ووضعها.
558 هذه الأبيات من زيادات العقد المفصل.
559 هذه الأبيات من زيادات العقد المفصل.
560 هذه الأبيات من زيادات العقد المفصل.
561 وفي نسخة: من.
562 وفي نسخة: مذ.
563 وفي نسخة: عظم الخطب.
564 وفي نسخة: بالعراء.
565 وفي نسخة: فالتقى.
566 وفي نسخة: معاليه.
567 في العقد المفصل: أخرس.
568 وفي نسخة: عز.
569 وفي الديوان المطبوع: أهل الأرض.
570 وفيه أيضا: بعد.
571 يقصد قبيلة ربيعة التي ينتسب لها آل كبه.
572 وفي مخطوطة الملا: الاباء.
573 في الديوان المطبوع: بتشديد، وهو غلط.
574 عرامة: وهي الشدة، وفي المطبوع غرامية.
575 الوصفاء: الخدم.
576 في المطبوع: ظل.
577 تيمت استعبدت. شغفت.
578 وفي المطبوع: الظلماء.
579 يشير إلى عبد الهادي ومحمد حسين أبناء الحاج محمد رضا.
580 في المطبوع: ملم.
581 وفيه أيضا: يهادن.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»