وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٣٩
يكن لموسى عليه السلام ولد من صلبه، وشاء الله أن يجعل امتداده في أخيه هارون وبنيه من بعده، وكان هارون وبنوه ذروة سبط لاوي الذي منه موسى وهارون عليهما السلام. وبهم امتحن الله - تعالى - بقية الأسباط! وعلى امتداد المسيرة سفكت الدماء الزكية عندما جاء الهداة لبني إسرائيل بما لا تهوى أنفسهم.
وعندما بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم امتحن الله أمته بامتحانات شتى بعد أن أقام عليهم الحجة، ومنها الامتحان بعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشاء الله أن يجعل امتداد النبي في ابنته فاطمة وعلي بن أبي طالب، ولما كانت منزلة علي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى عدا النبوة فإن الدعوة الخاتمة أقامت الحجة في أكثر من موضع على مكانة علي بن أبي طالب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لتعليم القافلة دوائر التحذير فلا تقترب منها على امتداد المسيرة.
ومن الأحاديث التي تبين مكانة علي بن أبي طالب من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أن الله - تعالى - جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس نفسا، وجعل علي بن أبي طالب كنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله خلق الخلق، فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا، فجعلني في خيرهم بيتا، وخيرهم نفسا " (1)، وعن جابر بن عبد الله أنه قال في قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) [آل عمران: 61]:
قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم العاقب والطيب، فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه على أن يلاعناه الغداة، فغدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، ثم أرسل إليهما، فأبيا أن يجيبا وأقرا له بالخراج، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والذي بعثني بالحق، لو قالوا: لا، لأمطر عليهم الوادي نارا، .

(1) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، الجامع: 5 / 584، ورواه أحمد، الفتح الرباني:
21 / 266.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست