معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٩٦
طم سيل الالحاد والزندقة. فوجد الخلفاء في المعتزلة سيفا مسلولا على الزنادقة لم يغلوه، بل شجعوهم على الاستمرار في نهجهم. ويقول الشيخ أبو زهرة: كان جدال المعتزلة بقوة وحسن دليل. وفصاحة وبيان وقدرة على الإقناع اكتسبوها من علومهم وممارستهم الجدال، حتى أن بعض خصومهم من غير المسلمين كانوا يسلمون بعد مناقشتهم، ولقد قال مؤرخو المعتزلة: أن أبا الهذيل العلاف أسلم على يديه أكثر من ثلاثة آلاف رجل من من المجوس، لحذقه وبراعته في المناظرة، وقوة ما يدعو إليه وضعف ما يدعون إليه (1). وظل المعتزلة يحطمون أسوار الجهل الذي ألقي على كاهل الأمة من كل مكان، فلما جاء المأمون وقد كان يعتبر نفسه من علماء المعتزلة شايعهم وقربهم وأدناهم وجعل منهم حجابه ووزراءه. وكان يعقد المناظرات بينهم وبين الفقهاء لينتهوا إلى رأي متفق.
واستمر على ذلك حتى توفى سنة 218 ه‍ (2). ومن أقوال المأمون: من علامة الشريف أن يظلم من فوقه ويظلمه من هو دونه. وقال أيضا: لوددت أن أهل الجرائم عرفوا رأيي في العفو، ليذهب عنهم الخوف. ويخلص السرور إلى قلوبهم (3). وقال: أول العدل أن يعدل الرجل في بطانته، ثم الذين يلونهم حتى يبلغ إلى الطبقة السفلى. وقال: غلبة الحجة أحب إلي من غلبة القدرة، لأن غلبة القدرة تزول بزوالها. وغلبة الحجة لا يزيلها شئ. وقال: لا نزهة ألذ من النظر في عقول الرجال (4).
وكان المأمون يقرب آل البيت إليه، وعلى رأسهم الإمام أبي الحسن الرضا رضي الله عنه. وروي أن المأمون أراد أن يقلد الرضا ولاية العهد من بعده، لتكون الخلافة في أفضل آل أبي طالب. ولكن الرضا أبى عليه إباءا شديدا لأسباب عديدة نراها. منها: أن قرار مثل هذا هو بمثابة قرار فوقي. وهذا لا يستقيم مع حركة أهل البيت التي لا تبحث عن الحكم وإنما تبحث عن الجماهير

(1) تاريخ المذاهب الإسلامية 140 / 1.
(2) المصدر السابق 132 / 1.
(3) تاريخ الخلفاء 297، 298 / 1.
(4) المصدر السابق 308 / 1.
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459