معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
على رجسهم.
وبعد أن فرغ أمير المؤمنين من قتال الخوارج، خطب في الناس وحثهم على العمل ليلتحم الشعار بالشعور. وروي أنه صعد المنبر بعد فراغه من النهروان، فحمد الله، وخنقته العبرة فبكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وجرت، ثم نفض لحيته فوغ رشاشها على ناس من أناس، فكانوا يقولون: إن من أصابه من دموعه فقد حرمه الله النار، ثم قال: يا أيها الناس. لا تكونوا ممن يرجوا الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول أمل، يقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر ولا يأتي، وينهى ولا ينتهي، ويحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم، ويبغض الظالمين وهو منهم.
تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، إن استغنى فتن، وإن مرض حزن، وإن افتقر قنط ودهن، فهو بين الذنب والنعمة يرتع، يعافى فلا يشكر، ويبتلي فلا يصبر. كأن المحذر من الموت سواه، وكأن من وعد وزجر غيره يا أغراض المنايا، يا رهائن الموت، يا وعاء الأسقام، يا نهبة الأيام، ويا ثقل الدهر، ويا فاكهة الزمان، ويا نور الحدثان، ويا خرس عند الحجج، ويا من غمرته الفتن وحيل بينه وبين معرفة العبر بحق، أقول: ما نجا من نجا إلا بمعرفة نفسه، وما هلك من هلك إلا من تحت يده. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) جعلنا الله وإياكم ممن سمع الوعظ فقبل، ودعى إلى العمل فعمل (1).
3 - التخاذل:
بعد فراغ أمير المؤمنين من أهل النهروان كانت قواته متماسكة، حيث إنه لم يقتل من أصحابه إلا سبعة، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أخبره بعدد القتلى من قواته وقوات أهل النهروان. وقد أخبر أمير المؤمنين قواته بهذا قبل

(1) ابن النجار (كنز العمال 206 / 16).
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459