معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٨٣
لأنه هو نفسه صاحب الحق الشرعي في تنفيذ الحدود، ولم يكن من المعقول أن ينفذ الحد في نفسه، ولم يكن من المعقول أيضا أن ينفذه فيه غيره (1).
إن الناس لم يشعروا بالخجل بفضل عقيدة المرجئة، والوليد لم يشعر بالخجل بفضل عقيدة الجبرية. وفي موجة الغناء والشعر والمجون استجاب كثير من الشباب إلى النداء، ومضوا يغرقون همومهم في هذه الحياة الصاخبة المعربدة، يقول د. خليف: وكثرت جماعات المجون، ودوت معزوفات ضخمة اشترك فيها مجموعات هائلة من العزاف. وعلى الجسر الذي يصل الشاطئين الأموي والعباسي أخذت جماعات من المجان والخلعاء تمر فوقه لتستقبل على الشاطئ الآخر الرذيلة. وقد تجردت من ثيابها جميعا. وبسطت ذراعيها إلى أقصاها، لتضم إلى أحضانها هؤلاء الوافدين من طلابها، وتبلغ الغاوية مداها، ويتساقط الشباب تساقط الفراش المتهافت على النار. وكلما اشتدت ظلمة الهاوية، زاد عدد المتخبطين فيها، وفي أعماقها السحيقة، مضت جماعات من الشعراء تضرب على غير هدى. وقد ألف اللهو بينهم، وربط المجون بين أسبابهم. كلهم فاسق، وكلهم خليع، وكلهم سكير. وهذه المدرسة اللاهية، هي التي أرست قواعد غزل النساء، وغزل الغلمان. فالغزل في هذه المدرسة لم يكن حديث العاطفة، وإنما كان حديث الغريزة، ولم يكن نجوى الروح. وإنما كان نداء الجسد. وعلى بناء هذه المدرسة كثرة طائفة الجواري والمغنيات في المجتمع الإسلامي، وعلى أكتاف هذه المدرسة انتشرت الزندقة ودقت أوتادها، وراج شعر الأديرة (2). وكان الوليد بن عقبة، وصاحبة أو زبيد النصراني أول من حفر الحفرة لهذه البذرة في عهد عثمان بن عفان.
فمع شعر الأديرة، ومع الجواري، سبحت الدولة الأموية في آخر أيامها، ثم قامت بتسليم هذه الآفة الاجتماعية إلى الدولة العباسية، حيث كثر الرقيق في هذه الدولة. وكانن الجواري والغلمان والإيماء فيها من أجناس وثقافات وديانات

(1) حياة الشعر في الكوفة ص 205.
(2) المصدر السابق 633، 634.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459