معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
يستيقظ (1)، وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية ومؤدبهم ابن النابغة (2).
لقد أخبرهم بأنهم يتثاقلون إلى الأرض وهم تريكة الإسلام وبقية الناس.
وبين لهم ما هم فيه حيث العدل في العطاء، وتلقي العلم النافع من مصادره النقية، وكان من نتيجة ذلك ظهور ما كانت عقولهم وأذهانهم تنفر عنه من الأمور الدينية، وبعد معرفتهم هذا اعتقدوه، وأخبرهم أنه فعل معهم ما يقتضي حصول الاعتقادات الحقيقية. ولكن أفعالهم تدل على أن الهوى والعصبية والإصرار على اللجاج صفحات عليا في ساحتهم.
ومما لا شك فيه أن بذرة التخاذل وضعت عند رفع المصاحف. فبعد قتل عمار بن ياسر تلقى أهل الشام ضربات قوية ليلة الهرير. وكان الأشتر وقواته على أعتاب خيمة معاوية وفي هذا الوقت رفعت المصاحف ودخل التخاذل عن هذا الباب، وبعد ذلك رأينا الذين أضروا على التحكيم هم أنفسهم الذين قاتلوا عليا لسيره في طريق التحكيم، والعجيب إنهم خرجوا بمقولة طالما روج لها معاوية، لقد أجازوا الخلافة لكل العرب ولكل مسلم ولو كان عبدا حبشيا، ما دامت شروط الإمامة متوفرة فيه. باختصار: بعد رفع المصاحف وضع البيض كله في سلة معاوية. فالخوارج وإن كانت جرائمهم الظاهرة هي القتل والتخريب، إلا أن عقيدتهم قبل رفع المصاحف لم تكن بحال هي نفس العقيدة بعد ذلك. وأغلب الظن أنهم عندما خالفوا الإمام وهددوه بالقتل إذا لم يقبل التحكيم وأن ذي الثدية بدأ يعمل في هذا الوقت بالذات. ثم وضع لمساته على اعتقاداتهم بعد ذلك.
لتلتقي هذه اللمسات مع لمسات الذين سيتخذون دين الله دغلا تحت إذاعة واحدة وإعلام واحد، مما ساعد إلى حد كبير في التخاذل عن أمير المؤمنين.
إن علماء الأمة أقروا أحاديث تقول بأن ذي الثدية كان شيطان الردهة، وأقروا أحاديث تذم بني أمية وأنهم ملوك من شر الملوك. وعقيدة الخوارج في

(1) أي أني قد فعلت معكم ما يقتضي حصول الاعتقادات الحقيقية في أذهانكم.
(2) ابن أبي الحديد 417 / 3.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459