فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٢٣
وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضا: إنها توجب المسح وذلك لأن قوله: (وامسحوا برؤوسكم) فرؤوسكم في محل النصب ولكنها مجرورة بالباء فإذا عطفت (الأرجل) على (الرؤوس) جاء في الأرجل النصب عطفا على محل الرؤوس والجر عطفا على الظاهر وهذا مذهب مشهور للنحاة.
إذا ثبت هذا فنقول: ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله:
(وأرجلكم) هو قوله: (وامسحوا) ويجوز أن يكون هو قوله: (فاغسلوا) لكن العاملين إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى فوجب أن يكون عامل النصب في قوله (وأرجلكم) هو قوله: (وامسحوا) فثبت أن قراءة (وأرجلكم) بنصب اللام توجب المسح أيضا. فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية على وجوب المسح ثم قالوا: ولا يجوز دفع ذلك بالأخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز ".
نقول: هذه حجة من استدل بالآية المباركة - فحسب - على وجوب المسح على الأرجل في الوضوء.
ثم قال الرازي: " إن الأخبار وردت بإيجاب الغسل والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها ".
نقول: هذا القول الذي ذهب إليه الرازي بأن الغسل مشتمل على المسح وأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها لورود الأخبار بذلك هو قول مردود من وجوه:
أولا: القول بأن الغسل مشتمل على المسح يقتضي إدراج الرأس - أيضا - مع الأرجل لاشتراكهما في الحكم وهذا يستلزم غسل الرأس وذلك غير حاصل قط لأن التفريق بينهما يقتضي مصادرة الآية بالأخبار.
ثانيا: إن الله - عز وجل - قد أوجب شيئا اسمه (غسل) يختص بالوجوه
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست