دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١١٢
خلال الروايات التي نسبها القوم إلى الرسول. أما في زمن الحرب فقد شهدت الروايات أنه ليس هناك فرق..
يروى أنه لما قسم السبي في غزوة خيبر. جاء دحية فقال يا نبي الله أعطني جارية من السبي. قال: " اذهب فخذ جارية ". فأخذ صفية بنت حيي. فجاء رجل إلى النبي فقال: يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير. لا تصلح إلا لك. قال " ادعوه بها ". فجاء بها. فلما نظر إليها النبي قال: " خذ جارية من السبي غيرها ". فأعتقها النبي وتزوجها. حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها له من الليل. فأصبح النبي عروسا (1)..
يقول الفقهاء: قوله: خذ جارية من السبي غيرها. يحتمل ما جرى مع دحية وجهين أحدهما: أن يكون رد الجارية برضاه وأذن له في غيرها. والثاني: أنه إنما أذن له في جارية له من حشو السبي لا أفضلهن. فلما رأى النبي (ص) أنه أخذ أنفسهن وأجودهن نسبا وشرفا في قومها وجمالا استرجعها لأنه لم يأذن له فيها ورأى في إبقائها لدحية مفسدة لتميزه بمثلها على باقي الجيش. ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها وكونها بنت سيدهم ولما يخاف من استعلائها على دحية بسبب مرتبتها. وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره فكان أخذه (ص) إياها لنفسه قاطعا لكل هذه المفاسد المتحوفة. ومع هذا فعوض دحية عنها (2)..
هذا ما يقوله الفقهاء حول هذه الرواية المزرية. احتمالات وتبريرات واهية فيها استخفاف بالعقول وتوهين للأمر وتعتيم على حقيقته..
ومثل هذه الاحتمالات لا تغني ولا تسمن من جوع فظاهر الرواية ينطق بالحق وهو أن الرسول (ص) وهو في ميدان الحرب كما هو حاله في السلم لا ينسى النساء ولا يصبر عليهن فالهوس الجنسي يسيطر على مخيلته ودفعه إلى التراجع عن قراره بإعطاء صفية إلى دحية بمجرد أن زينها القوم له دون أن يراها.
وما إن رآها في نفسه وتأكد له الخبر فأخذها منه لنفسه. ولو أن الأمر انتهى

(١) مسلم. كتاب النكاح. باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها. والبخاري كتاب الصلاة. باب ما يذكر في الفخذ..
(2) شرح النووي على مسلم الباب السابق..
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست