الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٣٨
حتى أن أبا سفيان، هذا، الذي كان حريصا كأشد ما يكون الحرص على هدم الإسلام.
وبذل وسعه في إقصاء بني هاشم. هاهو اليوم يربكه الموقف، ويعز عليه أن يتأمر عليه أهل حي إنما هو أحط حي في قريش. ولإمارة بني هاشم يومها أحب إليه ألف مرة من إمارة بني تيم بن مرة وعدي بن كعب. لقد قالها يومئذ:
" أما والله لئن بقيت لأرفعن من أعقابهما " (39).
وقد طلب البيعة من علي (ع) ورفض هذا الأخير بيعته لما يدركه منه من نوايا خبيثة.
فهو ما أراد ذلك إلا ليحارب بنعرة قبلية جاهلية. وهي النعرة التي يتجنب علي (ع) القتال بها. وهو من سمع أخاه رسول الله (ص) " يقول ليس منا من دعى إلى عصبية "!.
وفي ذلك يقول أمير المؤمنين علي (ع) لمعاوية: " فأبوك كان أعلم بحقي منك، وأن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه تصب رشدك " (40).
وهو نفس الأسلوب الذي اتبعه معاوية، إذ كثيرا ما رام الحط من الشيخين بطرق مختلفة، ومثال ذلك ما رواه الحمدي في الجمع بين الصحيحين، قال: " قال عبد الله بن عمر: دخلت على حفصة ونسواتها تنظف، قلت: قد كان من أمر الناس ما تبين، فلم يحصل لي من الأمر شئ، فقالت:
الحق لهم، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية فقال: " من أراد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق منه ومن أبيه ".
هذا غيض من فيض مما رزح به التاريخ من أدلة قارعة، تكشف عن الواقع

(39) العقد الفريد / شرح ابن عبد ربه ص 257 ج 4 ط 1403 ه‍ 1983 م دار الكتاب العربي - بيروت.
(40) العقد الفريد / شرح ابن أبي الحديد.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235