الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٣٣
لقد أفشل عمر بن الخطاب ذلك التدبير، وسكت الرسول (ص) بعد أن تبين له عدم جدوى كتابة العهد الأخير.
ولنبقى الآن في إطار حديثنا عن السياق الذي تحرك فيه تيار الاغتصاب، وكيف أن النفاق كان على ضربين، أحدهما مثله تيار الاغتصاب والآخر مثله التيار الأموي.
وعندما انتقلت روحه الشريفة، وعلي (ع) منهمك في تغسيله.. لم يكن آنئذ أبو بكر في المقام.
لقد ذهب إلى السنح، في حين قام عمر بن الخطاب على عادته ببلبلة الناس.
وأظهر نوعا من الجنون ليدخل الناس في موضوع جانبي، ويثير الغوغاء حتى لا يعطي للناس فرصة في الالتفات إلى من يخلف رسول الله.. ولكم قيل له إن الرسول (ص) قد مات، ولكم قرأت عليه الآية التي قرأها عليه أبو بكر، فما زاده ذلك إلا إصرارا على تظاهره بالجنون وعدم الوعي حتى إذا جاء أبو بكر وذكره بما سبق أن ذكره به الآخرون، استكان بشكل يثير الشك في أمرهما.
أخذ عمر يهدد بالقتل كل من قال إن محمدا قد مات. ويقول: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي. وأن رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع بعد أن قيل مات، والله ليرجعن رسول الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجل من يزعمون أن رسول الله مات.
وعندها قرأ عليه عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم في المسجد:
" وما محمد إلا رسول قد خلت من تبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم. ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين " (34).
ولم يكن ذلك ليرد بن الخطاب عن تشويشه للمسلمين. وقد خرج العباس فيما يرويه بن سعد في طبقاته وكذا أنساب البلاذري، خاطبا في الناس معلنا موته.

(34) ابن سعد في طبقات - ابن كثير في التاريخ.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235