الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٣١
إلى إجلاء كل من من شأنه الطمع في خلافة الرسول (ص) والتطلع إليها.
فهو من جهة يبين لهم أن أمر الإمارة من اختصاص النص. وأنه عندما أمر عليهم أسامة إنما عمل ذلك من جهة اختياره الذي لا دخل لمشورة فيه. فالمشورة لا مدخلية لها في المسؤولية.. وهو من جهة أخرى يبين لهم إنهم وأسامة وغيره سواء. وإنهم ليسوا ذووا ميزة تناقض تأمير أسامة عليهم.. وإن أسامة على صغر سنه يبقى جدير بها ممن كانوا معه. وكأنه عليه الصلاة والسلام يعلم أن البعض سوف يرفض إمامة علي (ع) لصغر سنه. فبادر إلى هذا النوع من الاختيار لجعله درسا لأمته إلى الأبد!.
لقد حاول الرسول (ص) وبكل إمعان إجلاءهم بعيدا عنه ولو أن وجودهم يومها كان أفضل من غيابهم، إذن، لأبقى عليهم رسول الله (ص) في المدينة وهو يعلم أن وفاته لا شك واقعة!.
لكن ما الذي وقع؟.
كان تيار الاغتصاب من جهة واعيا بمقاصد الرسول (ص) مطلعا على تدابيره فأبو بكر وعمر بن الخطاب يدركان تمام الادراك، أن شيوع إمامة علي (ع) سوف يخلق لهما متاعب كثيرة.. وأن إجلاءهما خارج المدينة قد يفوت الفرصة عليهما، فإن كان أبو بكر وعمر بن الخطاب قد استشكلا تأمير أسامة عليهم فإن ذلك كان محاولة منهم لإفشال خطة الرسول (ص). هم مصممون على طلب الخلافة، فإذا أنزلهم الرسول (ص) تلك المنزلة، فكيف يتسنى لهم الصعود مجددا، بعد أن يرسخ في وجدان المسلمين إن أبا بكر وعمر بن الخطاب، هما كباقي المسلمين، وإنهما وإياهم سواء تحت إمرة أسامة. ومن هنا عملا على إفشال ذينك التدبيرين من خلال رفضهم امتثال الأمر.
إنهم لم يجهزوا جيش أسامة، وبقوا هناك على مقربة من الرسول (ص) يتتبعون مجريات الأمور. كان عمر يسترق السمع عن طريق عائشة في حين هرب أبو بكر إلى منزله بالسنح (29) بل إن عمر بن الخطاب ظل رافضا لإمارة أسامة، على

(29) الكامل / ابن الأثير. ص 323 ج 2 ط 1385 - 1965 م دار بيروت للطباعة والنشر.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235