الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٢٨
5 اسمعوا، يا إخوتي الأحباء: أليس الله اختار (3) الفقراء في نظر الناس فجعلهم أغنياء بالإيمان وورثة للملكوت الذي وعد به من يحبونه؟ 6 وأنتم أهنتم الفقير! أليس الأغنياء (4) هم الذين يظلمونكم ويسوقونكم إلى المحاكم؟ 7 أوليس هم الذين يجدفون على الاسم الحسن الذي ذكر عليكم؟ (5) 8 فإذا عملتم بالشريعة السامية (6) التي نص عليها الكتاب، وهي: " أحبب قريبك حبك لنفسك "، تحسنون عملا. 9 وأما إذا راعيتم الأشخاص فترتكبون خطيئة وتثبت الشريعة عليكم أنكم من المخالفين.
10 فمن حفظ الشريعة كلها وزل في أمر واحد منها أخطأ بها جميعا (7)، 11 لأن الذي قال: " لا تزن " قال أيضا: " لا تقتل ". فإذا لم تزن ولكنك قتلت، كنت مخالفا للشريعة.
12 تكلموا واعملوا مثل من سيدان (8) بشريعة الحرية، 13 لأن الدينونة لا رحمة فيها لمن لم يرحم، فالرحمة تستخف بالدينونة.
[الإيمان والأعمال] 14 ماذا ينفع، يا إخوتي، أن يقول أحد إنه يؤمن، إن لم يعمل؟ (9) أبوسع الإيمان أن يخلصه؟ 15 فإن كان فيكم أخ عريان أو

(٣) الاختيار الإلهي يجري منذ اليوم انقلاب الفقر بحسب العالم إلى غنى الإيمان، في حين أن الأغنياء لا يكدسون إلا كنزا معرضا للزوال (راجع ١ / ١١ و ٥ / ١ - ٣).
وهذا الاختيار إلزام بوعد ميراث أخيري (راجع ١ / ١٢ ومتى ٢٥ / ٣٤ و ١ قور ٦ / ٩ - ١٠ و ١٥ / ٥٠ وغل ٥ / ٢١).
(٤) لا يفصل يعقوب بين الأغنياء بوجه عام والأغنياء الذين لهم محلات خاصة في المجامع المسيحية، وهو يورد، في شأن هذه الفئة من الناس، آراء مفرغة في قالب واحد.
(٥) يراد به اسم الرب يسوع (راجع الآية ١)، الذي يدعى باسمه على المؤمن عند اعتماده (راجع رسل ٢ / ٣٨ و ١٠ / ٤٨) والذي يجدف عليه الأغنياء باضطهادهم البار الذي للمسيح (راجع ٥ / ٦ ومتى ١٠ / ٢٢ و ٢٤ / ٩).
(٦) تساوي الآيات ٨ - ١٢ بين هذه " الشريعة السامية " والشريعة (راجع ٤ / ١١) و " شريعة الحرية " (راجع ١ / ٢٥). ل‍ " شريعة الحرية " سوابق في الدين اليهودي:
كانت الشريعة تجعل من الخاضعين لها أبناء أحرارا (راجع يو ٨ / ٣١ - ٣٥). لكن رسالة يعقوب تقصد تفسيرا مسيحيا للشريعة، فهي من جهة تشابه كلمة الحق (راجع ١ / ٢١ - ٢٤)، وعملها من جهة أخرى يكون هو قبل كل شئ محبة القريب (راجع ١ / ٢٦ - ٢٧). وهذه المحبة تحتل في الوصايا محلا ساميا (الترجمة اللفظية: " ملوكيا "). وهي نظرة متى أيضا (متى ١٩ / ١٨ - ١٩ وراجع ٥ / ٢١ - ٤٨) ويمكن مقارنتها بتمام الشريعة في غل ٥ / ١٤ وروم ١٣ / ٩ - ١٠ أو بالوصية الجديدة في يو ١٣ / ٣٤ - ٣٥. وهذه الشريعة " كاملة " (راجع ١ / ٢٥)، لأنها تكشف تماما عن مشيئة الله التي كانت تبتغيها في شريعة موسى، فالذي يعمل بها، وإن زل أيضا (راجع ٣ / ٢)، يستهين بالدينونة (راجع الآية ١٣ و ١ يو ٣ / ١٤ - ٢٠ ومتى ٦ / ١٤ - ١٥ و ١٨ / ٢٣ - ٢٥).
(٧) يذكر يعقوب هنا مبدأ من مبادئ الدين اليهودي (راجع غل ٣ / ١٠ الذي يستشهد ب‍ تث ٢٧ / ٢٦). من خالف " وصية واحدة " تعدى على مشيئة الذي هو صاحب " الشريعة كلها ". إلا أن تلك الوصايا في سياق الكلام هي التي تعبر عن محبة القريب.
(٨) راجع ٥ / ٩.
(٩) تشرح الآيات ١٤ - ٢٦ الموضوع الكامن في الرسالة كلها، أي موضوع " الإيمان " و " الأعمال " (راجع 1 / 3 - 6 و 25 و 3 / 13). يبدو أن الكاتب يقف موقفا معاكسا لمبدأ بولس القائل بالتبرير بالإيمان وحده (راجع روم 3 / 28 وغل 2 / 16)، إذ إنه يؤكد أن الإيمان لا يخلص بمعزل عن الأعمال وإنه ميت بدونها (راجع الآيات 17 و 26). غير أن الأعمال التي تذكرها رسالة يعقوب ليست " أعمال الشريعة " التي تندد بها الرسالتان إلى أهل غلاطية وأهل رومة، بل الثمار التي من شأن الإيمان أن يخرجها، في نظر بولس نفسه (راجع روم 2 / 6 و 15 - 16 وغل 5 / 6 واف 2 / 8 - 10 وقول 1 / 10 و 1 تس 1 / 3 و 2 تس 1 / 1). لا تطابق رسالة يعقوب بين الإيمان والأعمال، بل تشدد على إيمان يبلغ كماله في الأعمال، ولا سيما في محبة القريب والصلاة. فمن جعل ثقته في كلمة الحق القادرة وحدها على تخليص الخاطئ، خضع أيضا لمشيئة الله في كل ما يمت بصلة إلى حياته. إن الأهمية المعلقة على عمل المؤمن تدل على أن هناك بيئة يهودية مسيحية أشبه ببيئة متى (5 / 16 و 20 و 7 / 12 - 27 و 12 / 50 و 18 / 23 - 35 و 25 / 31 - 46).
ولكن يجب ألا ننسى أن الله هو الذي يخلق بكلمته ويكلل البار: فالآية 22، إذ تؤكد أن الأعمال تكمل الإيمان، لا تناقض مباشرة موقف بولس.
المقصود هو وجهة نظر تبدو أنها نشأت بعد إشكالية بولس بزمن طويل. كان الدين اليهودي يميل إلى صهر الإيمان بالأعمال، وكان بولس في خلاف مع المتهودين، فطالب بأولوية الإيمان مميزا إياه عن ثماره أو أعماله. أما رسالة يعقوب فإنها توافق بين الإيمان وأعمال الإيمان، بدمجها ما أتى به انتقاد بولس، والراجح أنها قاومت تفسيرا متطرفا لتعليم بولس.
(٧٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 723 724 725 726 727 728 729 730 731 732 733 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة