الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٥٥
[وجوه الشبه] قيل أن " عقيدة بولس " لا تظهر في أي أدب. ليس لبولس بمثل وضوحها في الرسائل الرعائية.
والحقيقة أن المرء يجد في الرسائل الرعائية كثيرا من أقوال بولس الرئيسية، من أن رحمة الله ظهرت في يسوع المسيح الذي جاء ليخلص الخاطئين (1 طيم 1 / 12 - 17)، وأن الإنسان ينال الخلاص من النعمة (طي 3 / 7) وبالإيمان (1 طيم 1 / 16 و 2 طيم 3 / 15)، وأن البر لا يكون بالأعمال (طي 3 / 5 و 2 طيم 1 / 9)، وأنه تقام علاقة وثيقة بين العماد والخلاص (طي 3 / 5)، وأن خلاص البشر يتم وفقا للتدبير الإلهي " السر " الذي كشف عنه الآن (1 طيم 3 / 16). يضاف إلى ذلك الإرشادات الموجهة إلى العبيد (1 طيم 6 / 1 - 2)، والإرشادات المختصة بالموقف الذي يجب أن يوقف من السلطات (1 طيم 2 / 1 وطي 3 / 1)، والتنبيه أن آلام الرسول مجدية من أجل المؤمنين (2 طيم 2 / 10)، وذكر مشاعر الرسول كالتواضع (1 طيم 1 / 12 - 14)، والمودة لطيموتاوس (1 طيم 1 / 2 و 18 و 5 / 23 و 2 طيم 1 / 2 و 4 و 4 / 9 و 21 الخ..)، واللطف الذي يجب التحلي به في معاملة الذين يضلون (2 طيم 2 / 25). إن قائمة وجوه الشبه هي من الطول ما يكفي ليرى المرء لزاما عليه أن يقبل، على أقل تقدير، أن الرسائل الرعائية أنشئت في بيئة متأثرة ببولس.
[وجوه الاختلاف] غير أن وجوه الاختلاف بين الفكر اللاهوتي في الرسائل الرعائية والتيار الكبير المنبثق من بولس ليست بأقل من وجوه الشبه. وإذا كنا نجد في الرسائل الرعائية أقوال بولس الرئيسية في الخلاص، فكثيرا ما يكون التعبير عنها مختلفا في الألفاظ. فإن الإيمان لا ينظر إليه قبل كل شئ كما ينظر إلى الصلة التي تصل المؤمن بالمسيح، بل يحسب بالأحرى تقبلا ووفاء للتعليم المعروف (1 طيم 4 / 1 و 6 / 21)، للتعليم السليم (1 طيم 1 / 10 و 2 طيم 4 / 3) أو " للوديعة " الموكولة إلى أناس مثل طيموتاوس (1 طيم 6 / 20 وراجع 2 طيم 2 / 2). وقد نبه أيضا إلى الإلحاح في القيام " بالأعمال الصالحة " (1 طيم 2 / 10 و 5 / 10 و 25 الخ..) وإلى نظرة إلى الأخلاق وصفت بأنها برجوازية تختلف عما في رسائل بولس الكبرى من إلزامات أبعد غورا في ما تتطلبه، فيبدو أن مكان الصدارة الذي كان للإيمان قد احتلته الآن " التقوى "، وهي لفظة تكرر على نحو متواصل في الرسائل الرعائية، في حين أنها غريبة كل الاغتراب عن لغة بولس: تميل المحبة إلى أن تصبح فضيلة بين غيرها من الفضائل، بدل أن تكون الفضيلة التي تسود سائر الفضائل (1 طيم 4 / 12). يذكر الروح القدس في معرض الكلام ويلاحظ أنه ينظر إلى النعمة في مجال محدود (طي 2 / 11 - 12) وينبه آخر الأمر إلى أن انتظار الأيام الأخيرة قد خفت حدته، في حين أنه يلح في ضرورة سيرة التقوى في الوقت الحاضر (طي 2 / 11 - 14). تشهد جميع هذه الدلائل على أن الأمور وصلت متأخر، فليست المسألة فيه هي وضع أسس الإيمان، بل ترسيخ الكنيسة وتنظيمها لتقاوم البدع التي تهددها.
[تنظيم شؤون الكنيسة] كان قد توفي معظم الرسل، فألح كاتب الرسالة في مسؤولية الذين يديرون الكنيسة، من
(٦٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 650 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة