الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٧
فكان يتعذر الاختلاط مع اليهود لشدتهم وقسوة قلوبهم وغلاظة أكبادهم (على ما يقول الإنجيل) ونفورهم من كل غريب عن دينهم واحتقارهم له لنجاسته في رأيهم (على ما جاء في التوراة)، وفي هذه البيئة وفي اليهودية المضطربة، ولد عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ولما بلغ ثلاثين عاما، ابتدأت رسالته عليه السلام، وأخذ يعلم ويبشر ويعظ ويأتي بالخوارق والمعجزات (1)!
(8) ا - ولقد جاء في الفصل السادس والعشرين من إنجيل برنابا كيف يجب على الإنسان، أن يجب الله وما تضمن من النزاع العجيب بين إبراهيم وأبيه:
"... ثم قال يسوع: كان رجل على سفر، وبينما كان سائرا، وجد كنزا في حقل معروض للبيع بخمس قطع من النقود، فلما علم الرجل ذلك، ذهب توا وباع رداءه ليشتري ذلك الحقل، فهل يصدق ذلك؟ " فأجاب التلاميذ " إن من لا يصدق هذا فهو مجنون "!
فقال عندئذ يسوع: إنكم تكونون مجانين إذا كنتم لا تعطون حواسكم لله، لتشتروا نفسكم حيث يستقر كنز المحبة، لأن المحبة كنز لا نظير له، لأن من يحب الله، كان الله له، ومن كان الله له، كان له كل شئ! أجاب بطرس " قل لنا يا معلم، كيف يحب على الإنسان أن يحب الله محبة خالصة؟ "!
فأجاب يسوع " الحق أقول لكم إن من لا يبغض أباه وأمه وحياته وأولاده وامرأته، لأجل محبة الله، فمثل هذا ليس أهلا أن يحبه الله "!
أجاب بطرس " يا معلم! لقد كتب في ناموس الله في كتاب موسى (أكرم أباك، لتعيش طويلا على الأرض)، ثم يقول أيضا: (ليكن ملعونا الابن الذي لا يطيع أباه وأمه)، ولذلك أمر الله بأن يرجم مثل هذا الابن العقوق أمام باب المدينة وجوبا بغضب الشعب، فكيف تأمرنا أن نبغض أبانا وأمنا!؟.

(1) راجع ص 19 - 26 من خواطر في الإسلام ج 1 للمرحوم الأستاذ عطا حسني.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»