الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٤
من العائلة المالكة الاشكانية، وقد هاجر أبوه فاتك من بلدة همدان إلى بابل حيث أقام في قرية في وسط ولاية ميسين، وفي هذه القرية ولد ماني سنة 215 أو 216، وقد تعمق في درس أديان زمانه الزردشتية والمسيحية والمذاهب الجنستيكية، وزعم أنه (الفارقليط) الذي بشر به عيسى عليه السلام!
وقال ماني في أغنية بهلوية سائدة في شمال إيران " إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة "!
ويرى مانى أنه كان في مبدأ العالم كونان أحدهما نور والآخر ظلمة، لأن الأول هو " العظيم الأول " (سروشا ويشار إليه أحيانا باسم زوران) وهو يتجلى في خمسة أشياء وهي بمنزلة الوسائط بين الخالق والخلق: الحلم والعلم والعقل والغيب والفطنة، وفي رواية شائعة بين بلاد ما بين النهرين أن العناصر الشريرة الخمسة قد كونت العوالم الخمسة لإله الظلمات وهي الضباب والحريق والسموم والسم والظلمة!
وقد أثرت الآراء المسيحية تأثيرا عظيما في مذهب ماني، والظاهر أن ماني قد أخذ نظريته في التناسخ عن المذاهب الهندية، ومن المحتمل أن يكون عن البوذية!
ويرى وسندونك أن الشخص نفسه لا يقع عليه التناسخ، وإنما يكون هذا على الأجزاء النورانية فيه، فهي التي تبعث ثم تبعث إلى أن تفنى في مملكة النور! وكذلك تمشي المذهب المانوي حين دعى إليه بعد ذلك في آسيا الوسطى مع البوذية التي كانت منتشرة هناك!
ولم يكن المانوية يعطون الماء والخبز إلى الكفار، لأن ذلك اعتداء على ذرات النور في الماء والخبز، ولكنهم كانوا يعطونهم الملابس والنقود وغيرهما من الأشياء التي لا نور فيها (1)!

(1) والغريب أنهم كانوا يحرمون على طبقة الصديقين طبخ الخضر، لأن فيه إغضابا لذرات النور التي فيها، وكان على السماعين وهم سواد الناس أن يطبخوا لهم الخضر التي يتغذى بها هؤلاء، وعليهم أن يكفروا عنهم بصلاتهم ما ارتكبوه من وزر في طبخ النبات!
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»