الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٢٣
ووراء العالم المرئي وخلف العالم المعقول أيضا يوجد الله، وقد خرج العالم من ذات الله هنا عندهم بواسطة إشراقات دائمة أو تجليات، كل منها أقل درجة من سابقتها، حتى نصل إلى العالم المادي الذي هو آخر الإشراقات وأقلها نقاء، ولكن فيه الرغبة للرجوع إلى الأصل الإلهي! والمادة دنيا الجسد هي مستقر البشر، ولكن بارقة إلهية كانت في طبيعة الإنسان تريه الطريق إلى النجاة وتهديه إلى الصعود في أفلاك الإراكين إلى أن يبلغ دنيا النور!
وقد تغلغلت البوذية في إيران في إبان العهد الإغريقي.
(ج) وإذا تقصينا المصادر النصرانية، فإن أمرا خاصا يلفت نظرنا وهو الحرمة العظيمة التي كانت للشمس في الديانة المزدية الساسانية (المجوسية)، فيزدجرد الثاني يقسم بالشمس ويقول (الإله الأعلى الذي يغير الدنيا بأشعته والذي يدفئ بحرارته المخلوقات جميعا)!
والحقيقة أن الشمس التي كان يعبدها مجوس العهد الساساني ليست خور ولكن ميهر ميترا اليشتات (جمع يشت) وميترا هذا هو إله العقد ونور الصباح الذي عرفه البابليون بشمس إلههم إله الشمس الذي جعل منه الميتريون " الشمس التي لا تقهر "!
وهناك نصوص من الأوستا لا عد لها تبين أن تقديس عناصر الطبيعة قد استمرت على أنه خاصة أصيلة في الدين الزردشتي، وإنا نعرف كيف عمل الزردشتيون على المحافظة على الماء والنار من النجاسة!
فيقول أجائياس " إن الفرس يقدسون الماء قبل كل شئ إلى حد أنهم لا يغسلون وجوههم ولا يلمسونه، إلا أن يكون ذلك للشرب أو ري الزرع "، وقد عرفنا من الدنديداد كيفية استخدام الماء للطهارة، وكان بول الثيران وحده أبعد في هذا أثرا من الماء "، ومع هذا فإن مكانة النار أعظم شأنا في الدين الزردشتي!
(ء) وكان مانى إيرانيا من أسرة عريقة، وتقول الروايات إن أمه كانت
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»