المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ١٣
في باب الإيمان مبني على المتعارف فارتفع الإشكال وزال التناقض (فائدة) قال ابن تيمية في كتاب الانتصار للإمام أحمد رضي الله عنه وإنكار عايشة سماع أهل القليب الكفار معذورة فيه لعدم بلوغها النص وغيرها لا يكون معذورا مثلها لأن هذه المسألة صارت معلومة من الدين بالضرورة انتهى فيلزم من قوله هذا إن الذي ينكر سماع الكفار يكفر لأن جاحد المعلوم من الدين بالضرورة يكفر كما في جميع كتب المذاهب على أن البعض الذي أنكر إنما هو في حق الكفار كما قالته عايشة رضي الله عنها وأما النبي صلى الله عليه وسلم والشهداء وأولياء أمنه فلم يقل أحد بإنكار سماعهم لا عايشة ولا غيرها وحينئذ تعلم سوء ما تجاهر به بعض الجهلة في زماننا من إطلاق عدم السماع حتى في حق النبي صلى الله عليه وسلم والأمر لله الواحد القهار وقال ابن تيمية أيضا في الفتاوى مسألة في الأحياء إذا زاروا الأموات هل يعلم الأموات بزيارتهم وهل يعلمون يا الميت إذا مات من قرايبهم أو غيره أم لا الجواب نعم قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها أهل الرحمة من عباد الله كما يتلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه فيقول بعضهم لبعض انظروا أخاكم يستريح فإنه كان في كرب شديد قال فيقبلون عليه ويسألونه ما فعل فلان ما فعلت فلانة هل تزوجت الحديث وأما علم الميت بالحي إذا زاره ففي حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام قال ابن عبد البر ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه عبد الحق صاحب الأحكام وأما ما أخبر به الله من حياة الشهيد ورزقه وما جاء في الحديث الصحيح من دخول أرواحهم الجنة قد ذهب طوايف إلى أن ذلك مختص بهم دون الصديقين وغيرهم والصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة أن الحياة والرزق ودخول الأرواح الجنة ليس مختصا بالشهيد كما دل على ذلك النصوص الثابتة واختص الشهيد بالذكر لكون الظان يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد فأخبر بذلك لتزول الشبهة المانعة عن الإقدام على الجهاد والشهادة كما نهى عن قتل الأولاد خشية الاملاق لأنه هو الواقع وإن كان قتلهم لا يجوز
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»