تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٥
صورة عقلية بطريق الانعكاس ويحصل لها بذلك كمال ا ه‍ وقد ذكر الغزالي نحو ذلك مع زيادة بسط وتحقيق فقال المقصود من زيارة الأنبياء والأولياء والأئمة الاستمداد من سؤال المغفرة وقضاء الحوائج من أرواحهم والعبارة عن هذا الإمداد الشفاعة وهذا يحصل من جهتين الاستمداد من هذا الجانب والإمداد من ذلك الجانب ولزيارة المشاهد أثر عظيم في هذين الركنين أما الاستمداد فبانصراف همة صاحب الحاجة عن أموره العادية باستيلاء ذكر المزور على الخاطر حتى تصير كلية همته مستغرقة في ذلك ويقبل بكليته على ذكره وخطورة بباله وهذه الحالة سبب منبه لروح ذلك الشفيع أو المزور حتى تمد روح المزور الطيبة ذلك الزائر بما يستمد منها ومن أقبل بكليته وهمته على إنسان في دار الدنيا فإن ذلك الإنسان يحس بإقبال ذلك المقبل عليه لخبره بذلك فمن لم يكن في هذا العالم فهو أولى بالتنبيه وهو مهيأ لذلك التنبيه فإن اطلاع من هو خارج عن أحوال العالم على بعض أحوال العالم ممكن كما يطلع من هو في المنام على أحوال من هو في الآخرة أهو مثاب أم معاقب فإن النوم صنو الموت وأخوه فبسبب النوم صرنا مستعدين لمعرفة أحوال لم نكن مستعدين في حال اليقظة لها فكذا من وصل إلى دار الآخرة ومات موتا حقيقيا كان بالاطلاع على أحوال هذا العالم أولى وأحرى فأما كلية أحوال هذا العالم في جميع الأوقات فلم تكن مندرجة في سلك معرفتهم كما لم تكن أحوال الماضين حاضرة في معرفتنا في منامنا عند الرؤيا ولإيجاد المعارف معينات ومخصصات منها همة صاحب الحاجة وهي استيلاء ذكر صاحب تلك الروح العزيزة على صاحب الحاجة وكما تؤثر مشاهدة صورة الحي في خطور ذكره وحضور نفسه بالبال فكذا تؤثر مشاهدة ذلك الميت ومشاهدة تربته التي هي حجاب قالبه فإن أثر ذلك الميت في النفس عند غيبة قالبه ومشهده ليس كأثره في حال حضوره ومشاهدة قالبه ومشهده ومن ظن أنه قادر على أن يحضر في نفسه ذلك الميت عند غيبة مشهده كما يحضره عند مشاهدة مشهده
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»