أبناء الرسول في كربلاء - خالد محمد خالد - الصفحة ١٥٤
الذي فقد في المعركة أباه، وإخوته، وأعمامه يقيد بالأغلال ويطوف به في شوارع الكوفة التعسة..؟؟
ألا فلنحطم مقاييسنا الجاهلية الضريرة، إذا أردنا أن نبصر جوهر الأشياء..
وإذا لم يكن بد لأقدامنا أن تبقى على الأرض، فلترتفع عنها عقولنا ورؤانا، إذا أردنا أن نتعرف إلى حكمة السماء..!
وإذا كانت وحشية المجرمين سترينا في كربلاء وجه الفاجعة التي تذيب الصخر، وتصهر الحديد.. فإن شرف التضحية وجلال الحق سيرياننا فيها روعة المهرجان، ومجد العيد..!!
* * * ونختتم حصاد كربلاء ودروسها بمثوبة التضحية.. فتعلمنا دروسها العظيمة أن التضحية مثوبة نفسها، وأنها ما دامت في سبيل الحق، فإن انتظار الأجر عليها جهل (بقيمتها) إلا أن يكون هذا الأجر رضا الله، ورضوانه، وجنانه..
وليس معنى كون التضحية مثوبة نفسها أنها تحرم أبطالها من مزاياها وعطاياها.. وإنما معناه أنها ترتفع بتلك المزايا والعطايا إلى مستوى من القداسة، والقدوة، والخلود، يزري بكل مغانم الدنيا العاجلة وأمجادها الزائلة!!
إن مظاهر الرقي البشرى كثيرة. ولكن شرف الإنسان وجدارته بالحياة لا يزالان، وسيظلان منوطين بقدرته على التضحية النبيلة والجليلة من أجل الحق.
واللوحة التي رسمتها تضحيات (الحسين) وأهله وصحبه بوأت هذا الشرف وتلك الجدارة أعلى المنازل والذرى..
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 » »»
الفهرست