شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٦٣
النار أو بالعرض كحرارة الماء ومعنى فاعليتها أن تخيل مادة العنصر الآخر إلى كيفيتها فتكسر سورة كيفية الآخر بمعنى أن تزول تلك المرتبة من مراتب تلك الكيفية وتحدث مرتبة أخرى أضعف منها أما كون الفاعل هو الصورة فلأنه لا يجوز أن تكون هو المادة لأن شأنها القبول والانفعال ولا الكيفية لأن تفاعل الكيفيتين أي كسر كل منهما سورة الأخرى إن كان معا لزم أن يكون الشيء مغلوبا عن شيء حال كونه غالبا عليه وإن كان على التعاقب بأن تكسر سورة الأخرى ثم ينكسر عنها لزم أن يصير المغلوب عن الشيء غالبا عليه والغالب على الشيء مغلوبا عنه وذلك أن المنكسر عندما كان قويا لم يقو على كسر الآخر فلما انكسر وضعفت قوته قوى على كسر الآخر وهذا مح وأما توسط الكيفية فلأن منشأ الكسر والانكسار هو التضاد وذلك في الكيفيات ولهذا لا تكسر سورة الهواء البارد برودة الأرض ولا سورة الماء الحار حرارة الهواء ونحو ذلك واعترض بأن ما ذكر مشترك الإلزام لأن تفاعل الصورتين بواسطة الكيفيتين إما أن يكون معا فيلزم كون الشيء غالبا مغلوبا معا لأن الكيفية كما أنها غالبة إذا فرضناها الكاسرة فكذا إذا كان لها دخل في ذلك بل يلزم اجتماع الكيفية الشديدة التي بها الكسر والضعيفة الحادثة بالانكسار في آن واحد وهو محال لأنهما مرتبتان مختلفتان وأما أن يكون على التعاقب فتلزم صيرورة المغلوب غالبا وبالعكس ولظهور بطلان هذا ولزوم كون المعلول مقارنا للعلة وشرطها اقتصر في المواقف على الشق الأول فقال الصورة إنما تعقل بواسطة الكيفية فتكون الكيفية شرطا في التأثير فيلزم اجتماع الكيفية الكاسرة أي التي بواسطتها الكسر مع الحادثة أي الضعيفة التي تحدث بعد الانكسار لا يقال الاعتراض مدفوع بوجهين أحدهما أن القول بفاعلية الصورة تجوز والحقيقة أن الصور والكيفيات معدات لفيضان الكيفية المتوسطة من المبدأ المفارق بطريق اللزوم عند الفلاسفة لتمام الفاعل والقابل وبطريق العادة عند غيرهم لكون الفاعل مختارا و ح يبطل حديث الغالب والمغلوب وثانيهما أن المنكسر عند الامتزاج من كل كيفية سورتها لأنفسها والكاسر نفس الكيفية المضادة لا سورتها للقطع بأن سورة الماء الشديد الحرارة تنكسر بالماء البارد وإن لم يكن في الغاية بل بالماء الفاتر بل بماء حار هو أقل حرارة وإذا كان كذلك فلا يمتنع أن تكون الكيفية المنكسرة كاسرة لسورة الكيفية المضادة ولا يكون هذا من اجتماع الغالبية والمغلوبية في شيء لأنا نقول فح يصح القول بتفاعل الكيفيات من غير اعتبار للصور وههنا اعتراض آخر وهو أنا نجد حدوث الكيفية المتوسطة بمجرد تفاعل الكيفيات من غير اعتبار أن يكون هناك صورة توجب انكسار سورة الكيفية المضادة كما في امتزاج الماء الحار بالماء البارد للقطع بأن الصورة المائية لا تكسر البرودة فإن زعموا أن ليس ههنا فعل وانفعال أي كسر وانكسار ليلزم
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»