شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٥٩
شاهدت 2) ذكروا أن القمر قد يحدث على الندرة قوسا خيالية لا يكون لها ألوان لكني قد شاهدت بتركستان في سنة ثلاث وستين وسبعمائة في خلاف جهة القمر قوسا على ألوان قوس قزح إلا أنها كانت أصغر منها كثيرا وكانت بحيث تكاد تتم دائرة ولم تكن ألوانها في ضياء صفاء الألوان الشمسية وإشراقها بل أكثف وكان ذلك في ليلة رشية الجو رقيقة السحاب والقمر على قرب من الأفق (قال النوع الثاني ما يحدث على الأرض 3) مثل الأحجار والجبال والسبب الأكثري لتحجر الأرض عمل الحرارة في الطين اللزج بحيث يستحكم انعقاد رطبة بيابسة وقد ينعقد الماء السيال حجرا إما لقوة معدنية محجرة أو لأرضية غالبة على ذلك الماء بالقوة لا بالمقدار كما في الملح فإذا صادف الحر العظيم طينا كثيرا لزجا إما دفعة وإما على مرور الأيام يتكون الحجر العظيم فإذا ارتفع بأن تجعل الزلزلة العظيمة طائفة من الأرض تلا من التلال أو يحصل من تراكم عمارات تخربت تحجر أو بأن يكون الطين المتحجر مختلف الأجزاء في الصلابة والرخاوة فتحفر أجزاؤه الرخوة بالمياه والرياح وتغور تلك الحفر بالتدريج غورا شديدا وتبقى الصلبة مرتفعة أو بغير ذلك من الأسباب فهو الجبل وقد يرى بعض الجبال منضودة سافا فسافا كأنها سافات الجدار فيشبه أن يكون حدوث مادة الفوقاني بعد تحجر التحتاني وقد سال على كل ساف من خلاف جوهره ما صار حائلا بينه وبين آخر وقد يوجد في كثير من الأحجار عند كسرها أجزاء الحيوانات المائية فيشبه أن هذه المعمورات قد كانت في سالف الدهر مغمورة في البحر فحصل الطين اللزج الكثير وتحجر بعد الانكشاف فلذلك كثر الجبال ويكون الحفر ما بينه بأسباب تقتضيه كالسيول والرياح ومن منافع الجبال حفظ الأبخرة التي هي مادة المعادن والسحب والعيون فإن الأبخرة تنفس عن الأرض الرخوة فلا يجتمع منها قدر يعتد به (قال النوع الثالث ما يحدث في الأرض 7) قد يعرض لجزء من الأرض حركة بسبب ما يتحرك تحتها فيحرك ما فوقه ويسمى الزلزلة وذلك إذا تولد تحت الأرض بخار أو دخان أو ريح أو ما يناسب ذلك وكان وجه الأرض متكاثفا عديم المسام أو ضيقها جدا وحاول ذلك الخروج ولم يتمكن لكثافة الأرض تحرك في ذاته وحرك الأرض وربما يشقها لقوته وقد ينفصل منه نار محرقة وأصوات هائلة لشدة المحاكة والمصاكة وقد يسمع منها دوي لشدة الريح ولا توجد الزلزلة في الأراضي الرخوة لسهولة خروج الأبخرة وقلما يكون في الصيف لقلة تكاثف وجه الأرض والبلاد التي يكثر فيها الزلزلة إذا حفرت فيها آبار كثيرة حتى كثرت مخالص الأبخرة قلت الزلزلة بها وقد يصير الكسوف سببا للزلزلة لفقد الحرارة الكائنة عن الشعاع دفعة وحصول البرد الحاقن للرياح في تجاويف الأرض بالتحصيف بغتة ولا شك أن البرد الذي يعرض بغتة يفعل ما لا يفعله العارض بالتدريج (قال وربما ينقلب البخار 9) إشارة إلى أسباب العيون الآبار والقنوات وذلك
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»